اقتلهم ، سيدي المشير، فلا قيمة للمصري!
بقلم: محمد عبد المجيد
تاريخ النشر: 2011-12-18
سيدي المشير،
عندما طلب الدكتور كمال الجنزوري منك أن تسمح له بالاعلان عن صلاحيات رئيس الجمهورية، ظاهرياً فقط، سقط سهواً من طلبـِه أن تضيف إليه صلاحيات الصعود إلى أسطــح المباني الحكومية لازالة ما علق بها من أوساخ.
ومع ذلك فالدكتور الجنزوري الذي عمل مع مبارك عدة سنوات، وصـَمـَتَ علىَ مشروعات فاشلة، وصـَكَّ وجهــَه بعدما اكتشف سرقات بالمليارات، وبلع كرامتـَه وهو يقرأ ورقة صغيرة فيها اقالته، عاد ليزعم أنه كان الأشرفَ، والأطــهرَ، والرافضَ لكل صور الفساد.
وكما فعل مع مبارك فقد ارتعشت يداه وشفتاه وهو يكاد يعلن أن رئيس الجمهورية الجديد لا يحاسبه أحد، وأن حكومتـَه ستضم إليها الكثيرَ من شباب الثورة، ومع ذلك فالجنزوري سقط من أول اختبار، ولم يستطــع رجاله الصعود إلى أسطــح المباني الحكومية لتنظيفها من هؤلاء الأوغاد الذين يمارسون البلطجة العلوية، ويقذفون على مدىَ عشر ساعات أمام كاميرات الدنيا شبابا غير مسلح، أرادوا الاحتجاج اعتصاماً، فدفعوا الثمن الذي دفعه زملاؤهم في ميدان التحرير منذ ثورتهم المباركة.
سيدي المشير،
لا تشغل نفسك باحصاء عدد شهداء شباب مصر، فنحن نملك ذاكرة من بالون منفوخ، ومثقوب، فإذا حــَلـَّتْ بنا كارثة نسينا سابقتـَها، وإذا انشغلنا بشهداء شارع محمد محمود نسينا شهداءَ ماسبيرو، ولو تذكرنا ماسبيرو فتسقط من البالون المنفوخ أسماء شهداء 25 يناير.
المصريون طيبون، وساذجون، وتستطيع أن تلعب بهم بين اصبعين من أصابعك، فإذا عـَكـَّرَ أحدٌّ صفوَ انسجامك في لعبتك المفضلة، كأن يقول، مثلا، الدكتور معتز بأن هناك مئات الشهداء احترقوا بمواد كيماوية واستقبلهم مستشفى القصر العيني، فلا تكلف نفسك عناء الرد علينا، فالبالون المثقوب قادر على جعل تلك الفاجعة القومية والإنسانية كأنها بمثابة رفع سعر البصل أو زحام مؤقت فوق كوبري 6 أكتوبر
هل تتذكر إعلام مبارك عندما كان الإعلاميون يركعون له في "صباح الخير يا مصر"، ويسجدون له في "البيت بيتك"، ويمهدون لنبوَّتـِه غير السماوية في افتتاحيات ( الأهرام)، ويضع عبد اللــه كمال تاج العرش فوق رأس ابن الرئيس؟
نفس الأمر يحدث معك، فالشباب الأهوج يهاجم الجنود المسالمين، وشياطين ميدان التحرير يعتدون على ملائكة وزارة الداخلية، والعيون الغالية لأبناء مصر تتصدى بوقاحة لفوهات بنادق القناصة الطيبين، ثم بعد ذلك يزعم الثوار أنهم جعلوك فوق رؤوس المصريين، وكان من الممكن أن لا يتركوا ميدان التحرير بعد خلع الطاغية، لكنهم تناسوا أنك نزعت الُحكم لصالحك، وأقنعت ملايين الثوار أنك لم تكن الساعد الأيمن للمخلوع، وأن المجلس العسكري ليس هو القوات المسلحة!
سيدي المشير،
اقتل منهم من تشاء، واجعل العدد آخر اهتماماتك، واسحل الفتيات في شوارع القاهرة فليس بينهن ابنة لك أو حفيدة أو قريبة، ولو قرأت تعليقات حلفاء المجلس من الإسلاميين فسيدهشك هذا الدعم الديني لرجالك، وأكثرهم أجمع أن الفتاة التي يسحلها عسكرك مخطئة، ليس لأنها تدافع عن بلدها، ولكن لأنها ترتدي البنطلون، تماما كما احتج زملاؤهم المتطرفون عندما ثقب الارهابيون جسد الإعلامية أطوار بهجت في العراق، فغضبوا لأن وكالات الأنباء نشرت صورة جثتها بدون غطاء الشعر!
بحثت عن جيش مصر العظيم.. أبناء أبطال العبور فلم أجدهم في ساحات التدريب، ولم أعثر لهم على أثر قريبا من حدود الوطن، ولم يكونوا في ثكناتهم يستريحون بين معركة وأخرى، فلما نظرت إلى الأعلى أبصرت حماة الوطن على أسطــح البنايات الحكومية يقذفون أولاد المصريين بالحجارة المدببة، ويطلقون النار عشوائيا، فيقتلون، ويجرحون العشرات و .. المئات، لكن خادمك الأمين .. الدكتور كمال الجنزوري يعرف كيف يبهجك، ويقنع المصريين بأن الرأس التي سقط عليها حجر جرانيت مـُذْنــِبة في حق هذا الجماد الأعمى.
أحسب أن يوم اعتلاء عسكرك أسطــح المباني كان يوم عيد لنتنياهو، فجيشـُنا عثر أخيرا على العبور الحقيقي.. أعني الصعود إلى السطــح!
الغريب أن المطيعين لكَ أكثر عدداً من الذين كانوا يمنحون مبارك الولاء المطلق، فأنت تأمر ومصر كلها تستجيب، فتأمر ذاكرة المصريين بالتراجع والتحلل والتفتت كأنك في معسكر يخجل جنودك من النظر لعينيك، فيأتون أفواجاً وأفراداً مقبلين على انتخابات لا تزال حول لجان الاقتراع فيها آثار دماء، ورائحة غازات سامة، ومشاهد لقنــَّاصي العيون، ويختفي القــَتــَلة والبلطجية وأصحاب السوابق ليومين بأوامر عليا، ويعودون فور انتهاء المرحلة الأولى.. أيضا بأوامر عليا!
سيدي المشير،
في الوقت الحالي فإن الكفــَّة لصالحـِك، وعدة ملايين من الاسلاميين يخشون غضبك بعدما مـَنَحـْتـَهم فرصة الوصول إلى البرلمان حتى وهم يعرفون مسبقاً أنهم خيال المآتة، ولو كان بعضهم لبعض ظــهيراً فلا يستطيعون تحريك رائد في الجيش من خيمة إلى أخرى، ولا محاسبة ثري عسكري بقانون من أين لك هذا؟
والكفة لصالحك فالراكعون أمام حذائك لا يحتاجون لأكثر من إشارة بسبــَّابتك أو وسطاك، فالإعلام بين يديك، والمجلس الاستشاري رهن إشارتك، ورئيس الوزراء لا يستطيع أن يقوم بتعيين طباخ في بيته دون أن يستأذنك، ومانشيتات الصحف القومية استبدلت بمبارك اسمك ولقـَبـَك ورتبتك العسكرية، لكن الأيدي المرتعشة لرؤساء التحرير ومساعديهم ظلت كما هي، فالخوف الشعبي من المخلوع وحـَرَمِه وابنيهما انتقل إلى خوف أعمق من المشير وأعضاء مجلسه العسكري.
أصارحك بأنني في كل مرة أرى وأسمع عضواً في المجلس العسكري أحسبه من خيلائه ونبرة صوته وحركة يديه صعوداً وهبوطاً يدخل في روعي أنه سيعلن تحرير فلسطين، وإعلان البنتاجون أن جيش مصر في عهدك أصبح أقوى جيوش العالم عتاداً وتسليحاً وقوة ضاربة تخضع لها أمم الأرض، فإذا به يهدد، ويتوعد ( شوية العيال ) المعتصمين في ميدان التحرير، أطــهر ميادين الدنيا، والمكان الذي زاره كبار ضيوف مصر بعد الثورة، وكتبتْ عنه كل صحف الكرة الأرضية، وصرح زعماءٌ كبار أنهم تعلـَّموا من شباب ثورة مصر دروساً في عبقرية التمرد والغضب أكثر مما علــَّمتهم ثورات بلادهم.
الكفة لصالحك الآن فالأقلام القميئة والعفنة والكوهينية تتسلل إلى آلاف المواقع والمنتديات وبروفيلات الفيسبوك للتشويش على أبطال الثورة، والزعم بأن ميدان التحرير قام بتعطيل الانتاج، وأن قاتلي الشباب جهات غير معروفة، وأشباح لا يراها أحد.
الكفة لصالحك حتى الآن فلم يخرج كل المصريين إلى الشوارع كمساء يوم 11 فبراير رغم أنك لم تستجب لطلب واحد يتيم من الذين سامحوك، واعتبروك قائداً لم يعمل بجانب المخلوع، وكانوا على استعداد لحملك فوق أكتافهم، فانتــجــع ُ عِدة أشهر في شرم الشيخ، وقام أوغاد نهب الشعوب بتهريب ثروة البلاد، وأعلنت دول كثيرة أن لديها مليارات مــُهـَرَّبة من مبارك ورجاله، لكنك رفضت اعادة أموال شعبك، وكانت الأدلة والشواهد تكاد تــُقْسـِم بأغلظ الإيمانات أن محاكمة مبارك مسرحية سخيفة، وأن المستشار أحمد رفعت موظف لديك، وأن فلول النظام البائد في بيات شتوي حتى تهدأ العاصفة.
سيدي المشير،
اقتل مـِنـّا مئات و .. آلافاً.. وعشرات الآلاف، فالانتخابات المصيدة أثبتت أنك بارعٌ في تخدير الناس والمناورة مع كل القوى، والتصالح من وراء ظــهر الشعب مع مُهددي الوَحدة الوطنية الذين يزعمون أن اللــه لن يرحم من يـُعطون أصواتهم لغيرهم، فضمنتَ لنفسك على الأقل ثلث عدد السكان.
بين عشية وضحاها، كعادة كل القوى السياسية والإعلامية والحزبية والاجتماعية والمالية، انضموا إليك وقاموا بتعرية ظهورهم لكرباجك، وكتبوا، ونشروا، وأذاعوا أحاديث تصيب بالقرف والغثيان والقيء، فالثلاثي عدو الشعب، النفاق والجبن والوصولية، تلتصق بالقصر مع كل عهد جديد.
اقتل مــِنـّا ربع الشعب أو ثلثه أو نصفه، ثم قــُم بدعوة الأحياء بعد ذلك لانتخابات فسيـُهللون لديمقراطيتك، وتسامحك، وعبقريتك، فالذاكرة المصرية في البالون المثقوب ســَرَّبــَتْ بعيداً أخبار لجان الاقتراع التي استخدم فيها الضباطُ الضربَ والصدمات الكهربية والامتهان اللساني مع القضاة والمستشارين، وكعادة قُـضاتنا في العهدين المباركي والمشيري يبلعون كرامتهم كما فعلوا مع الضباط الذين انهال أحدهم بحذائه على وجه مستشار في عهد المخلوع فصمتوا جميعاً، وسحبت البوكسات عشرات من الشباب جاءوا للدفاع عن القضاة أمام ناديهم، فعاد ممثلو السماء على الأرض إلى بيوتهم وزوجاتهم والفراش الدافيء، ولم ينبس أي منهم ببنت شفة ولو على استحياء للدفاع عن الشباب.
قنص العيون، غازات سامة، مواد كيماوية، سجون ومعتقلات، قانون طواريء، انتخابات تهريجية مـُنـَظمة، قتل وتعذيب واغتصاب واختبارات عذرية، رفض تام للتعجيل في صدور أي حُكم ضد عُتاة الاجرام المباركي، كذب صريح في كل البيانات منذ الحادي عشر من فبراير، تحويل المحاكمة التمثيلية إلى جلسات سرية فالشعب ليس من حقه الاستماع لاعترافات أكثر طــغاتهم دموية.
عشرة أشهر وأنت تحتقر مَطالب الثورة، فالقتلة مجهولون، والشهود عفاريت، والمفقودون غير معروفين، وشباب الثورة أصبحوا في نظرك من الثورة المضادة، ومبارك يستعد لجنازة عسكرية مــَهيبة تودعه إلى مقره الأخير أو حُكم بالبراءة لأن سيادة المستشار لم يتلق أوامر المجلس العسكري بمحاكمة الطاغية عن ثلاثين عاما، وهو السبب الأول لثورة 25 يناير، وأمامه أوراق غير كافية عن محاكمة المتهم لأقل من ثلاثة أسابيع.
لكن كل مستشاريك، ومساعديك، ورجالك، والذين اجتمعت معهم من القوى السياسية والمرشحين للرئاسة الوهمية لم يقولوا لك، أو لم يتجرأوا على التفوه أمامك بالحقيقة الغائبة، وهي أن شباب مصر عرفوا الطريق إلى الغضب، وهو تسعة أعشار نجاح أي ثورة، وتجديد نجاحها، وحتى لو خرج الاسلاميون والسلفيون ومئات الآلآف من الأحزاب الفلولية الأخرى، وأرتدى العسكريون الملابس المدنية وأخذوا معهم كل حجارة الهرم الأكبر وجرانيت المعتقلات فإن شباب الثورة يتعاملون مع العلم الحديث والتكنولوجيا والتطور الهائل الذي يسابق فيسبق كل مؤيديك،
لا يخدعنك خوف الكبار منك، ولا تملق الإعلاميين، ولا فرحة أعضاء مجلس الشعب الصوري بالحصانة البرلمانية، ولا رفض القوى الدينية طلب الشباب حماية الثورة في مليونية جديدة، ولا صمت الأقباط الذين سيدفعون الجزية بالدينار الإسلامي أو يهاجروا مصر، فالغضب مثل الإيمان بالوطن، إذا عرف طريقه إلى الصدر فلن تستطيع قوى الأرض كلها أن تنزعه مرة أخرى.
الشباب هم الأمل الوحيد الباقي في مصر، وكل الكبار وأعضاء المجلس الاستشاري وأعضاء مجلس الشعب وقيادات الأحزاب السياسية والليبرالية والعلمانية والإسلامية ، وكل المحللين الكبار والضيوف الفضائيين لن يوقفوا عجلة التاريخ بعدما أشرقت مصر بنور ربها، ودفع ثوار 25 يناير من أرواح زملائهم مئات الشهداء لتحيا مصر حرة وكريمة وعزيزة.
غضب الشباب قادم ولن يكون مليونية تنتهي قبل صلاة العشاء، ولن يرتفع شعار واحد، إسلامي أو يساري أو مطالب قبطية أو الإسلام هو الحل أو عودة المرأة إلى البيت أو تعدد الزوجات أو حتى صور جيفارا وماركس و.. كاسترو!
كذبوا عليك، سيدي المشير، وقالوا لك بأنهم شوية عيال، لكنهم هذه المرة سيعيدون الدفة التي انحرفت لعشرة أشهر، وستعتذر لهم كل القوى الزاعمة أنها دينامو التحرير، وكبار المثقفين، وستعرف أنت أن اللــه تعالى وضع بين يديك سبعين فرصة للتوبة والاعتذار جهرا وعلانية عن أنك عملت بجوار سفاح وجلاد وجزار الشعب لأكثر من عشرين عاماً في صمت مريب كأنه شراكة ورضا وعقد أبدي غير ممهور بتوقيع أي منكما.
الغضبة القادمة، ولعلها في الخامس والعشرين من يناير أو قبل ذلك ستكون مثل كل الثورات الناجحة، في تونس وليبيا ورومانيا وألبانيا وإسبانيا و .. عشرات من الثورات التي لم يعد القائمون عليها إلى بيوتهم قبل تحقيق كل الأهداف المعلنة.
كذبوا عليك ولم يشرحوا لك أن الشباب هم الحياة، وأن مساعديك ومنافقيك ومطيعيك هم الموت، والحياة دائما تنتصر، وكلما التهمت ديدان الأرض ميتاً، استقبلت الأرض بدلا منه عدة أحياء.
سيدي المشير،
لو كان هناك عاقل واحد بالقرب منك لرسم لكَ بيانيا وتفصيليا المشهد المصري القادم عندما تتضاعف مطالب الشباب، وتتزلزل الأرض من تحت أقدام المصريين من هول غضب الشباب، فهو ليس انتقاما أو قصاصا فقط، رغم أن في الأخير الحياة، لكنه أجمل رسالة حب لمصر تذهب بكل ما علق بالوطن من أوساخ مبارك وعهده ورجاله وكلابه وخدمه وفلوله.
قد يكون السبب أنك لا تعطي أذنيك لمن حولك، أو أن رجالك لا يهمسون لك بنصف الحقيقة وهي تكفي لضعف المعرفة، لكن نصيحتي الآن تأتي في الوقت الضائع، فسـُحُبُ الغضب الشبابي تتجمع في الأفق، والدعوة للثورة الفصل تتجمع في الصدور، والشباب لن يكونوا بحاجة هذه المرة للكبار، سارقي الثورات، وزاعمي النضال، ومزيفي الحقائق.
أكاد أراهم بملايينهم يحيلون كل ميادين مصر إلى ميدان التحرير، وتخرج عائلاتهم وأخواتهم وجيرانهم وأقاربهم لحمايتهم قبل أن تحرقهم السلطة بالمواد الكيماوية، وتخنقهم بالغازات السامة، وحينئذ يصغر الذين حاولوا خرق الأرض غطرسة وبلوغ الجبال طولا.
رغم المشهد السوداوي المؤلم والقاتم والحزين لمصر، فإنني أرى الثورة في موجات جديدة متتابعة مليونية تــُغطــي أرض الكنانة، وتمسح من على وجهها علامات الحزن وشياطين الاستبداد.
كنت أرى 25 يناير قبله بوقت طويل واضحاً وضوح الشمس في رابعة النهار، أما الآن فأرى الثورة الشبابية القادمة أكثر وضوحا، وذكاء، وعزيمة، وعدداً، وإيماناً، وإصراراً على إنهاء كل ما كان له علاقة بمبارك.
سيدي المشير،
ثورة 25 يناير هي التي رفعتك بعدما خفضك رئيسـُك السابق، وأنت تعرف جيدا أن الوريث الشاب كان سيطيح بك فور تسلمه الحُكم لولا الشباب الذين يحاربهم أبطال العبور من على أسطــح البنايات الحكومية بحماية أمنية وعسكرية.
الحقيقة الوحيدة في مصر الآن هي العد التنازلي لساعة الصفر عندما تصيح في وجوه كل مساعديك عن كيفية الظهور المفاجيء لملايين المصريين دون أن يبلغك أحد أنك في عين العاصفة.
أحزان مصر ومآتمها وتوديع شهدائها وحرقة الأمهات على فلذات أكبادهن المحتــَرَقين ستنتهي قريبا بالعــُرس الكبير، وأجمل أعياد مصر، في حكومة نصف أعضائها من الشباب، ورئيس دولة من غير الوجوه التي نراها في ( الليلة الكبيرة )، ومجلس شعب بدون صناديق الاقتراع الكاذبة والمتخلفة في نظام الدوائر للعمال والفلاحين والفئات وكل القابلين للشراء من قوى معادية للمجتمع التي تحركها رؤوس أموالها.
أجمل أعياد مصر بعدما يرقص حبل المشنقة فرحاً بأعناق أعداء الشعب، وكلما التف حول واحد أرسلت العدالة إلى منصة الإعدام آخر يشهد عليه ثمانون 0مليونا من المصريين، وتسترد مصر ملياراتها المنهوبة والمهربة، وتستريح أرواح الشهداء لأنها دفعت ثمن حريتنا وكرامتنا.
أجمل أعياد مصر عندما تصبح أم الدنيا آمنة، ولا يتلقى فيها بلطجي مـُرَتَبه من معتقل "طره" أو من السلطــة، ويعود العسكر إلى ثكناتهم، ويتساوى المصريون في دولة مدنية حرة، وديمقراطية، ليس فيها معتقل ضمير واحد، ولا يـُفَرِّقهم القانون أو الواقع أو حتى خلجات النفس بين مسلم وقبطــي، وبين مذهب وآخر، وتختفي فتاوى المعاقين ذهنيا الكارهين للحياة والحب والتسامح.
أجمل أعياد مصر قاب قوسين أو أدنى من عيوننا، لكن أكثرنا لا يراها، حتى أنت، سيدي المشير، تظن بأنهم شوية عيال يـُفَرقهم قنــَّاصة وبلطجية من فوق أسطـح البنايات، ويجمعهم طابور انتخاب.
لم أكن متفائلا بنجاح الثورة الجديدة أكثر من الآن، وأستعد لارسال تهنئة بإزالة كل آثار سرطان عهد الطاغية المخلوع.
مبروك لنجاح الثورة الشبابية القادمة بإذن الله.
من لا يراها فهو أعمى البصيرة!
محمد عبد المجيد