رامى جلال عامر
يكتب : حزب النور والأوضة الضلمة
منذ سنوات عرفت قصة سعيد سلكة.. كان «سعيد» كهربائياً بسيطاً تحول بفعل عوامل التعرية إلى تجارة المخدرات برتبة تاجر شنطة، كان فى أيام التسليم يلمع حذاءه ويرتدى بدلة كاملة تتناسب مع أهمية ما يفعله..
فى إحدى الليالى، وهو فى طريقه لمهمة تسليم، قطع عليه الطريق شخص مسلح طلب ما معه.. كان «سعيد» موقناً أنه إذا أضاع البضاعة ضاع هو معها.. قرر أن يتحايل على الأمر، تصنع الخوف والذعر وخلع ساعته وتوسل إلى قاطع الطريق:«ارحمنى، خد الساعة الذهب وسيبنى أعيش.. عرف قاطع الطريق أنه أمام شخص ضعيف لن يسبب له المتاعب.. فكر قليلاً وأخيراً اقتنع بالساعة ونظر إلى سعيد نظرة المنتصر، وترك له علامة صغيرة على وجهه بالمطواة قبل أن يختفى فى الظلام ويذهب إلى حال سبيله.. تحسس سعيد علامته الجديدة ثم نظر إلى شنطة البضاعة واختفى فى الجهة الأخرى.. فر «سعيد» بشنطة المخدرات، ولم يخسر سوى ساعة يده، وكانت فالصو بالمناسبة! مثل كل شىء فى سعيد.
اكتسبت مغامرات سعيد سلكة أهمية عندى عندما تابعت أداء «حزب النور» فى لجنة الخمسين.. حزب النور وحلفاؤه وضعوا لنا دستوراً مشوهاً فى 2012، به من النصوص ما يكفى لإقامة الدولة البدائية وإعادة مصر للعصر الحجرى.. وبعد أحدث موجات الثورة خرجت القوى المدنية فى لجنة الخمسين لتقطع الطريق على حزب النور وتوقفه عند حده، توسل قائلاً: ارحمنى، خد المادة 219 وسيبنى أعيش.. اقتنعت اللجنة وفر حزب النور بكيانه وشنطة أفكاره، ألقى لنا بمادة مسمومة ليظهر بمظهر الوسطى ويتقمص دور الفرقة الناجية من النار.
أم المعارك وأبوها الآن هى منع قيام الأحزاب على أساس دينى، والأصل فى التفريق بين الأحزاب الدينية وتلك المدنية ليس مناداتها بتطبيق أحكام الشريعة، فكل الأحزاب تفعل ذلك وهذا عادى، فالدين- أى دين- هو مصدر أساسى لقيم المجتمع وأخلاقه وبالتالى فهو مصدر رئيسى لتشريعاته ولا يمكن تنحيته، والتطبيق دائماً بشرى يحتمل الأخذ والرد، ولكن الحزب الدينى يدعى لنفسه الحصانة الفكرية والعصمة الدينية انظر إيران..
الواقع أنه من غرائب مصر أن كثيراً من الأحزاب ليست أحزاباً! حزب النور يعمل بتكتيكات الأوضة الضلمة، حيث يتحسس طريقه ثم يقفش فى أول غنيمة أياً كانت! احظروا الأحزاب على أساس دينى، واحذروا من المعارك الوهمية، وأحضروا لنا ما وعدتم به.