- لماذا تحتقر السلطة شعبنا في مصر؟
قمة الاحتقار هي أن لا تكترث للحديث، ولا تهتم بالشكوى، ولا تعبأ بصراخ
الموجوعين، وتزدري الكلمة المطبوعة، وتصم أذنيك عن النقد، ولسان حالك يقول:
شجــّـوا رؤوســَـكم في الحائط فلن أقرأ لكم، ولن يجرؤ أحد المستشارين أن
يعرض عليّ نبذةً عن آلامــِـكم.
الرئيس مرسي يقول لنا:
قرأت مئات المرات استجداءاتكم للافراج عن المعتقلين الثوار الذي دخلوا
السجون
من أجل أن أدخل أنا القصر، لكن الموضوع تافه وعبيط، وليس لدي وقت للافراج
عنهم، ويثلج صدري أتباعي وهم الحمقى الذين يبررون ترددي أو امتناعي بأن
الوقت لم يحن بعد لعودة أيٍّ من الأحد عشر ألف مصري لأحضان أمه وأبيه!
قرأت مئات.. وآلاف المرات وجوهكم التي تميز رعبا وحزنا وغضبا وأنتم تطالبون
باسترداد مليارات نهبها مبارك، وأنا أحتقركم كما فعل من جاء قبلي، ولن أرد
على تساؤلاتكم، وسأقترض بفوائد وشروط من الغرب ولن تمس يدي قرشا واحداً
نهبه
مبارك من جيوب أفقركم، وسأجد ملايين يسبحون باسم الله، ويقومون
لصلاة الفجر، لكنهم على استعداد لتبرير صمتي، بل يفرحون لقروض ستثقل كاهل
أولادهم في المستقبل المجهول.
أنا رئيس الدولة والمخابرات والجيش
والأمن وأستطيع أن أجمع كل الأجهزة الأمنية، وأعطي توجيهاتي بالقاء القبض
على كل البلطجية وأصحاب السوابق والمجرمين الفارين من العدالة، بل أستطيع
أن أجعل بلدكم آمنا، لكنني لن أفعل، فالأمن آخر اهتماماتي، وسأجد تبريرات
حمقاء واجرامية ممن يزعمون أن مشروع النهضة في طريقة إلى الاكتمال، فلا
نهضة ولا تحضر بدون أمن وأمان.
أنا رئيس الدولة وأقف أمام الله خمس
مرات في اليوم والليلة، ولدي عدد كبير من المستشارين فضلا عن المرشد
والشاطر والكتاتني والقضاء وبين يدي ميزانية الدولة، لكنني لم أضع في
أولوياتي مصر نظيفة، فالنظافة ليست من الإيمان فيما أعتقد، وأتباعي يغرسون
أقدامهم في القمامة ومع ذلك فهم يبررون صمتي .. وجريمتي.
أنا رئيس
الدولة ويمكنني إعادة محاكمة مبارك وولديه والقبض على سوزان مبارك ومعرفة
القوى القضائية التي تآمرت على شعب مصر، لكن هذه ليست أولوياتي، فأتباعي
يجدون لي من سبعين إلى سبعمئة عذر لأي جريمة أو خطأ أو ذنب.
أنا رئيس
الدولة وأحكم باسم الدين، ويلهث ورائي ملايين من المغيبين والمخدرين، ومن
رفع إصبعه في وجهي، سلخوه بألسنة حداد، وسوط يسبح بحمد الله..
إذا
انتقدني واحد، اتهمه عشرة بأنه مناهض للإسلام، وإذا عارضني عشرون، سلخه
مئتان لأنه ليبرالي وعلماني واشتراكي وقبطي ومتحرر وناصري وحاقد ضد دولة
الخلافة.
أنا الرئيس، وأنتم العبيد!
استغفلكم المخلوع باسم
الطواريء والطغيان، واستحمركم المشير باسم أبطال العبور وجيش مصر العظيم،
وقد آن الوقت أن أستجحشكم باسم السماء.
من يختلف مع الرئيس محمد مرسي فقد عصى الله!
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 30 أغسطس