وصايا الشيخ سيدي بن عيسى رضي الله عنه لتلميذه أبي الرواين
يا أبا الرواين: قل لمن يأتي بعدي من المحبين وأصدقاء الخير إن طريقتنا فضل دائم للمستهدين والمسترشدين وإن أورادنا وأذكارنا شهب من نار نرمي بها أعداءنا وأعداء الله لنتطهر جميعا من جحيم الكائدين ومن شر الماكرين وكفر الكافرين وإذا أخذت الخلافة بعدي في المريدين والأتباع وفي التلاميذ والفقراء فاخلفني فيهم خلافة الخلفاء الراشدين لجدي عليه الصلاة والسلام وإياك أن يضيع حق الطريقة بخلافتك أو بخلافة أحد أتباعك فالخلافة في نسلي مأمور بها وهي أمانة في عنق أتباعنا وبين يديك إلى يوم القيامة...
وإني أدلك على ما تأخذ به زمام الطريقة وعقالها الذي تعقلها به وإياك والغضب فهو سم قاتل لما تدعوا إليه فارحم نفسك ولا تطلق العنان للغضب يأكل من حسناتها فأنت بمنزلة الروح من الجسد بالنسبة للمريدين وأتباعنا فإنه لا قيمة للروح بلا جسد واحذر من سمعة المقربين والمحبوبين لديك فإن قالوا فيك خيرا جنيته فاستفدت واستفادوا وإن قالوا فيك شرا جنيته ومن عاقبته فروا ومالوا...
وإذا رضي الله عن عبد أثنى عليه سبعة أصناف من الخير لم يعملها وقال في السخط مثله.
وإياك أن تخاصم نفسك أمام المريدين والأتباع فتقرب منك البعيد وتبعد منك القريب. واحذر أن تخاصم وجهك – وأنت في محفل الذاكرين – فتختفي الابتسامة ويختفي معها أثر الذكر والخشوع لله وتظهر مكان الأولى عباسة وتوثرا، وفي مكان الثانية شرودا وفتورا ومهما تخف من أسرار نفسك أمام أتباعنا تبده قسمات محياك وفلتات لسانك وبريق عينيك لأنهم يعلمون مقدار حبنا لك وكيف غرسنا هذا الحب ورعينا تربته بعناية وتوفيق من الله تعالى.
يا أبا الرواين: امتحن نفسك في مجالس أهل الخير بالسكون فإن نجحت صفا قلبك بالوعظ والخشوع وانتقل بالإصغاء إلى مقام أولائك الذين ترتبط عقولهم بقلوبهم رباط المودة والرحمة فلا يقبل القلب إلا ما قبله العقل ولا يقبل العقل إلا ما قبله القلب سواء بسواء...
وإن رسبت لم يمكنها السكوت من الاستفادة والاصغاء إلى أحاديث المشايخ فيذهب الكلام سدى وعبثا ولا تأخذ منه الروح ما ينعشها ويقوي رباطها بخالقها وملهمها وفي ذلك خسارة النفس وتيهها وضلالها قال الله تعالى: ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها.
يا أبا الرواين: إذا رأيت يوما مريدا يطلب مودتنا ومحبتنا ويجاهد نفسه في السير وقطع المراحل فكن له خادما ومساعدا واعلم بأن خدمتك باب للدخول معه في الثواب والجزاء وفيما أعده الله لعباده المخلصين. فأنا يا أبا الرواين في مقام المقربين " إذا شاءت إرادة ربي" وأنت في مقام الأبرار والأخيار بشهادتنا من الله ورحمة منه. ساعدنا على أداء مهمتنا بمحبتك وطاعتك وبالإخلاص للطريقة وشيخها وللمريدين والأتباع.
فكل من أكثر الطاعة والامتثال فهو عندنا من الأبرار وبارود ينفجر في وجه الأشرار، فالخادم مريد والمخدوم شيخ ولا تتأتى خدمة المريد إلا بالمتابعة والتقويم أساسه ما تدعوا إليه طريقتنا في السر والعلن.
والشيخ شمعة تحترق لتضيء الطريق إلى الله للمريدين والأتباع فنورها وهاج ما دام الشيخ يسلك في رياضته مسالك الواصلين.
وإذا انطفأ النور وخبا لهيب الشمعة فاعلم بأن الشيخ قد انشغل بنفسه عن ربه وبأهوائه عن أحواله وبما يدور بمحيطه عما يكمن في القلوب وما يستقر بين خبايا الجيوب.
يا أبا الرواين: إذا أحببت مريدا من أتباع زاويتنا فأعرب له بصفاء ومحبة عن مودتك وصفاء قلبك وإذا أحسست يوما بكراهية هذا المريد فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ثم استقبل القبلة بطهارة وقل في نفسك:
اللهم جنبني وإياه نزوات الشيطان وطغيان النفس الأمارة بالسوء فأنت الحليم وأنت الودود وأنت الغفار الرحيم.
يا أبا الرواين: إعلم بأن الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ريحانة من رياحين الجنة وقراءة المعوذتين وسورة الإخلاص نفحة من نفحات ربنا الجليل وعطاء من تجلياته السرمدية والدائمة على عبده الذليل تجليات موصولة بالصلاة والسلام على خير الأنام بصفات الجلال والكمال جلال يديم نور الحق على عبده المطيع وكمال يغني نفس المذنب الوضيع.
يا أبا الرواين: إن واعظ الحق كمين في قلب المؤمن وهو هاد وزاجر عنده ومنه ينبعث نور اليقين الذي يضيء الطريق إلى الله، واعلم بأن المكاشفة من الشيخ هي فهم منه وإدراك لواقع مجهول لا يدريه غيره.
والمشاهدة بالنسبة له هي رؤية الأشياء الباطنية بدلائل التوحيد ورؤية الأشياء الظاهرية بدلائل العلم والمعرفة وحين جاهدت نفسك وحملتها من المجاهدة والمصابرة ما لا تطيق أتيتنا بعزم وإرادة تطلب مفتاح الوصول فانطلقت همتك السامية تسعى في رحاب الله لصفاء الإلهام بالصلاة والسلام على خير الأنام فصليت عليه صلاة جاءت منك ريحانة من رياحين الجنة وكنت بما تفعل مريدا قد تجر من إرادته ودخل بإيمان عميق في جملة المتوصلين إلى الله بالصلاة على رسوله ومن الصديقين الذين قد كمل تصديقهم بكل ما جاءت به رسل الله وأنبياؤه علما وقولا وسلوكا وذلك لضياء باطنك وقربه من باطن الشيخ المستهدي في كل أحواله بهدي الله ومشيئته والمستعين بإرادته وقوته، وإني أقول لك يا أبا الرواين ما قاله جدي عليه السلام في حق صديقه أبي بكر الصديق رضي الله عنه:
أنا وأبو بكر كفرسي رهان فلو سبقني لأمنت له ولكن سبقته فآمن بي.
لقد سبقت يا أبا الرواين إلى الطريقة ولكن بإخلاصك وصبرك قد طويت المسافة وقطعت المراحل فوصلت المكانة وتولاك الله بحفظه ورعايته من العصيان حتى بلغت مبلغ السالكين الواصلين وحتى أصبحت مني بمنزلة الصديق لجدي عليه الصلاة والسلام.
إلزم مودتنا وأدم الصلاة والتسليم على سيدنا محمد نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم تر العجب العجاب فتسد بذلك باب كل مصاب.
واعلم بأن الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كانت لشيخنا الجزولي رضي الله عنه الربح الرابح والمفتاح الفاتح مفتاحا قد فتح الله به كل خير وفضل فشملته رعاية الله ورعته صلاته على حبيبه سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
يا أبا الرواين: اعلم بأن الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ريحانة من رياحين الجنة وقراءة المعوذتين وسورة الإخلاص نفحة من نفحات ربنا الجليل وعطاء من تجلياته السرمدية والدائمة على عبده الذليل تجليات موصولة بالصلاة والسلام على خير الأنام بصفات الجلال والكمال جلال يديم نور الحق على عبده المطيع وكمال يغني نفس المذنب المطيع.
يا أبا الرواين: كم تعذب نفسك وكم تذيقها أصنافا من القساوة في سبيل إرضائنا حتى رق قلب أصحابنا لحالك وإني قد طبعت درهمك حين تأهلت وواصلت السير في خدمتنا وقد استطعت بعناية من الله أن توفق بين مطالبنا ومطالب نفسك وما أكثر ما خيبت ظنون الأمارة بالسوء وما أسرفت في إجحافها عما تطلبه منك من رغبات وكنت مجاهدا صبورا يريد الحسنيين: يريد طاعة ربه وطاعة شيخه فامض في سبيلك واعلم بأن مسافتك إلينا بالنسبة إليه أقرب وأنت مني اليوم بمنزلة الحواريين لعيسى عليه السلام فاطلب مسألتك تقض بإذن الله وأنت من الآمنين.
يا أبا الرواين: إن الإنسان إذا تعلم حال علمه بينه وبين الخطأ إلى نفسه وربه والناس أجمعين، وليكن علمك لله واستماعك لله ونصحك ورشدك لله وإياك أن تتصرف مع الناس ومع نفسك وربك تصرف الجهلاء الساقطين الذين لا يعلمون من أمور دينهم شيئا قال الله تعالى: إن كل نفس لما عليها حافظ.
فليكن ما يكتبه عنك الحفظة صادرا عن قلبك لتتزين بتحبير كلماته صحائف أعمالك قال الله تعالى : وأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا.
يا أبا الرواين: اعلم أن ما بين صلاة الصبح والتي تليها فضلا عظيما لا يعرفه إلا الواصلون وصلاة الصبح تحرمك من لذة واحدة وتمنحك فضائل ثلاث بعدما تحرمك لذة النوم العميق بأحلامه اللذيذة وبأمانيه العذبة الجميلة: الأولى تنقض عنك غبار الخمول والكسل، والثانية تجعل قرآنك شاهدا من شهداء الحق عليك يوم القيامة قال الله تعالى إن قرآن الفجر كان مشهودا والثالثة تعودك عزيمة قوية تفصم بها ظهر اللعين وتقضي بها في الحياة مالم يقض بغيرها .. فالمواظبون لصلاة الصبح هم من الخلص الأوفياء لنداء ربهم أولئك الذين يوفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرون في البأساء والضراء وحين البأس فلا يجدون مشقة ولا يحسون نصبا يمارسون العبادة بلذة مشتاق ملهوف وفي كل أعمالهم تراهم جندا من جنود الخفاء فهم في النائبات لوامع حين يشتد ظلام البأس وأنوار معارفهم لا تنطفئ ولا تخبو وسيوفهم لا تصدأ ولا تنبو وركابهم لا تعرف في جانب الحق هلعا ولا تكبو.. وقلوبهم مطمئنة إلى ربها لا تعدوهم صفوة خيرة من أتباع زاويتنا وجدوا راحتهم في صلاة الصبح مهرعين بصلاة الضحى إلى الخيرات يدعون بصلاتهم وتلاوة القرآن إلى التي هي أقوم رحماء بينهم أشداء على أعداء دينهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
كف الصاع كف الصاع وارحم نفسك وفؤادك واعلم بأن الغضب جمرة متقدمة يأتي بها الشيطان إلى قلب الغضبان لتلتهم من خيرات حسناته وتزيد بغضبه من سيآته وإن أحدكم أيها المريدون ليغضب غضبا فيتمكن الشيطان من نفسه ويسومها بالغضب سوء العذاب فيصبح للمريد لباسه الذي يلبسه ورداءه الذي يتزمل به وما كله الذي يأكل منه ومشربه الذي يشربه فيلبسه لباس جلده سواء بسواء.
فاتقوا أيها المريدون جمرة الغضب ولهيبها بذكر الله وتلاوة القرآن وبالصلاة والسلام على سيدنا محمد خير الأنام. واعلموا بأن ذكر الله تطمئن به القلوب قال الله تعالى: ألا بذكر الله تطمئن القلوب. وقال: فاذكروني أذكركم. وقال تعالى: وذكر فإن الذكرى تنفع المومنين.
فمن ذكر الله بقلب مخلص فلا تسلط عليه لعنة إبليس التي توقدها جمرة الغضب.
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والورق وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم قالوا بلى يا رسول الله قال ذكر الله.
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه كمثل الحي والميت.
وفي الحديث القدسي الذي رواه البخاري ومسلم: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منه وإن اقترب إلي شبرا تقربت له ذراعا وإن اقترب إلي ذراعا اقتربت إليه باعا وإن أتاني يمشي أتيته هرولة.
إعلم أيها المريد بأنك كلما قد سيطر عليك الغضب واستولى على تصرفاتك فإنك بذلك قد خرجت في عهدنا وصحبتنا وانصرف قلبك انصراف من تأخذه بهجة الدنيا وزخرفها وكلما أحسست بالغضب يسري في مفاصلك سريان الدم في عروقك فاصرفه في حينه بذكر الله وقل كلما غضبت أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثم واصل تلاوة أي من الذكر الحكيم وشيئا من أورادنا وأذكارنا ووظائف مشايخنا.
وإذا كنت لا تفقه ولا تحفظ شيئا من محفوظات المريدين فردد قوله تعالى: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين وكررها الشيخ ثلاثا.
ثم وقف واقترب من المخاطب وقال له: هي نزوة من نزوات الشيطان وامتحان من الرحمان فما عهدناك أبدا إلا رجلا صبورا تطارد وسوسة النفس من صدرك فتغالبها وتصرعها وإني أراك هذه المرة تستسلم وتخور همتك وتفتر عزيمتك فاهدأ وقل سلاما فإنه اختبار لك ولنا ولأصحابنا جميعا.. وحين لاحظنا غضبك تداركك الله بلطفه وعافيته فانطفئت الجمرة المتقدة في حينها ولما هدأت أعصابك ورجع إليك حالك علمنا باستجابتك وغفرانك والرجوع إلى عهدنا وصحبتنا والولاء لمشايخنا وأتباعنا فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا فسهل أموره وافتح له من خزائن عطاياك ما يسد به حاجته وأمره ويزيل همه وغمه فأنت العليم بحاله وأنت الودود الرحيم.
يا أبا الرواين: اعلم أن علمك الظاهر يجب أن يصون علمك الباطن صيانة الشريعة للطريقة وصيانة الطريقة للحقيقة فلقد قادك علم الظاهر كما أعلم إلى إخفاء علم الباطن وفي هذا كمن يأخذ بطريقتنا على غير هدي من شريعة الله وسيرة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومن لم يصن حاله وطريقته بالشريعة وعلم الباطن فقد فسد حاله وآلت طريقته هوسا وهوى وأعوذ بالله من ذلك.
إنني أريدك أيها المريد أن تتحمل الأذى من الناس في سلوكهم الظاهر ونفسك لم تجد حرجا من أذاهم ولم تتألم من سلوكهم الشائن كما كان يفعل جدي عليه الصلاة والسلام مع عامة الناس وبخاصة مع صحابته رضوان الله عليهم.
لقد كان جدي في علمه الظاهر حين يوجه المسلمين وصحابته يصون بهدي من الله علم الباطن وكلما سفل الرأي وجبنت النفوس وركب هوى الشيطان الرؤوس تواضع عليه الصلاة والسلام فقاده علم الباطن إلى الرأفة والرحمة بالخلق أجمعين، ولذا كان يقول لمشركي قريش وهم يأدونه اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون
فالمريد لخلق شيخه والشيخ لخلق طريقته والأتباع والتلاميذ يجمعون في سيرتهم ما بين الفضيلتين معا: أخلاق المريدين الخلص الأوفياء للشيخ وأخلاق الشيخ المخلص للطريقة وكل منها مرآة لصاحبه أحدهما يعكس حبه على الآخر تارة بالموعظة وتارة أخرى بالذكرى قال تعالى: وذكر فإن الذكرى تنفع المومنين.
وقال عليه الصلاة والسلام: إذا أحب الله عبدا ابتلاه ليسمع تضرعه، وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة. واعلموا أن الله تعالى لا يستجيب دعاء من قلب لاه.
إنني أذكرك أيها المريد لتعلم كيف يجب أن نحاسب الناس على أخطائهم وهفواتهم وكيف يجب حسب تعاليم الطريقة أن نعالج الداء ونستأصل بحكمة شره وبوائقه.
وقال جدي عليه الصلاة والسلام: لمة الشيطان تكذيب بالحق وإيعاد بالشر فما أكثر المواقف التي يحولها الشيطان إلى تكذيب بالحق وإيعاد بالشر. وهذه الحالة النفسية التي وقعت فيها هي ضرب من ضروب تحويل الحق إلى باطل لأن العلم الظاهر فيها لم يصن العلم الباطن فظاهر الأمر كما يبدو منكر وباطل وخروج عن الطريق المألوف ولكن علم الباطن في حقيقة الأمر فيه فيه علاج ودواء وفيه تصويب وإصلاح وبه يتحقق عدم إلحاق الضرر بالناس والنظر في أحوالهم وأمورهم بنور الهدي الإلهي العظيم.
أمر جدي عليه الصلاة والسلام أن يكون نطقه ذكرا وصمته عبرة فهذه أحوال الذاكرين الواصلين. فالنطق عندهم إذا كان ذكرا خالصا لله ربح به الذاكر السالك ووصل به الخائف الخاشع والصمت إذا كان عندهم ذكرا أو تدبرا أزال الحوائل والعثرات والنظر إذا كان عندهم عبرة أفاد الناس عامة وسلم صاحبه من نزوات الشيطان وعثرة الرأي وهؤلاء جميعهم يدخلون في سياق قوله تعالى: والذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم.