اللغة الثالثة!
عندما نهجر الكتاب وتصبح المعلومات والثقافة سماعية تكبر اللغة الثالثة، وهي ليست عربية أو أعجمية، لكنها أذنية أي لا علاقة للكتاب بها، ولا تمر على العينين، إنما تخترق الأذنين ثم تصعد إلى المخ وتبعثر كلماتها فيه.
النتيجة تكون كالآتي: زكر( ذكر)، أستاز( أستاذ)، نحنو ( نحنُ )، السبر ( الصبر)، الثماء ( السماء)، سعيد مصر ( صعيد مصر )، ومئات غيرها من كلمات اللغة الثالثة المعادية للكتاب .. أبي الثقافات، وأم المعرفة، وأصل الفكر، ومؤسس الحضارات، وحافظ الكتب السماوية.
إذا لم تقرأ على مدى ثلاثة أيام فستفقد أحاديثك أصالتها، وطلعتُك جمالها ( حكمة صينية )!
لا تنظر لنفسك في المرآة قبل أن تنظر في كتاب لئلا ترى وجهك غير ما تحب!
في اليوم الأول بدون قراءة ولو صفحة واحدة في كتاب فوجهك شاحب، وفي اليوم الثاني الذي لا تقرأ فيه يوشي وجهك بمرض، أما إذا مر اليوم الثالث دون أن تقرأ في كتاب فستختفي كل نضرة جمال من وجهك.
في احصائية أوردها كتيب صدر عن دار المعارف عام 1964 تقول: إذا قرأت 10 دقائق كل يوم وأنت في انتظار صديق أو الأتوبيس أو الطعام، فهذا يعني أنكَ قرأت 20 كتاباً من القطع المتوسط في العام!
إذا قلت بأنه ليس لديك وقت للكتاب فكأنك تقول: لا أكترث للحياة وأريد أن أعيدها إلى بارئها!
التلفزيون والنت والراديو والحوارات والندوات والمناقشات لا تُغني مجتمعة عن الكتاب ولو كان بعضها لبعض ظهيراً!
الكتاب كائن حيّ يعرض صداقته عليك في كل دقيقة، وهو أكثر وفاءً من كل أحبابك، فإذا رفضتها في كل مرة فستكتشف أن القليل الذي احتفظتْ به ذاكرتك ينحدر ناحية الصفر .. ثم الفراغ اللانهائي.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 13 فبراير 2013