مبارك رضي الله عنه و .. أرضاه!
ستة أيام لنكتشف أن الذي حكمنا ثلاثين عاما كان ملاكاً من السماء، ونبيا من الأرض، ورسولا بدون وحي، وعفيف اليد واللسان، ولم يظلم مصرياً قط، وكان فقيراً ومعدماً، وكانت السجون في عهده حدائق ذات بهجة، وأقسام الشرطة كافتيريات تقدم أشهى الوجبات للزبائن المتهمين، وأن المصري كان يعيش في رغد وينفق على الخليجي، وأن مبارك العظيم اختار أشرف وأطهر ما أنجبته أرض الكنانة، كمال الشاذلي، يوسف والي، إسماعيل الجوسقي، صفوت الشريف، زكريا عزمي، فتحي سرور، أحمد عز، أحمد نظيف، عمرو موسى، أنس الفقي، ممدوح البلتاجي، حبيب العادلي، المشير طنطاوي،...
وأن مبارك جعل ربة كل أسرة تدعو له بطول العمر، وأنه لم يُذل مصري في عهده، وأنه صنع القضاء النزيه، والتعليم المتقدم، وأنه لم تُسرق أعضاء من مرضاه في المستشفيات، وأن الأمية اختفت، وأن أمراض الكبد الوبائي لم تعرف طريقها إلى الشعب، وأنه حاسب المتسببين عن حريق مسرح بني سويف، والعبارة 98، وقطار الصعيد..
وأن الأقباط .. شركاء الوطن كان يأكلون الشهد في عهده، ويحتلون أرفع المناصب، ولم يحدث حريق في كنيسة أو دير أو سرقة محل مصوغات، وأن رجال الأمن كانوا يبسطون السجاد الأحمر لكل قبطي يتقدم بشكواه ثم يطبع مأمور القسم قــُــبلة على خده وهو يودعه، وأنه، أي مبارك رضي الله عنه وأرضاه، حاسب من تجاوز في حق أي مصري.
وأن مبارك لم يشهد عصره طفلا واحداُ هائما في الشوارع، وأنه لم يحصل أي من رجاله على فدان واحد زيادة، وأن الذين أصيبوا بسرطان الخضروات كانت أمعاؤهم تختزن المرض وليست مزروعات يوسف والي.
وأن مبارك رفض تجديد ولايته الثانية والثالثة والرابعة والخامسة لكن المصريين أجبروه على ذلك!
وأن مبارك لم يأمر بتزوير الانتخابات لكن الشياطين دخلوا إلى اللجان وقاموا بالتزوير.
وأن غضب الشعب في 25 يناير ورفضه سيدنا وحبيبنا وزعيمنا كان عملا مغرقا في الهبالة والظلم، فقد كانت مصر على وشك أن تأكل من فوقها ومن تحت أرجلها خيراً كثيرا.
وأن نسبة الفساد في مصر كانت واحداً في الألف أو العشرة آلاف، وأن المياه كانت أنظف من مياه الجنة، وأن القائمين على الجمرك ومنافذ مصر كانوا أشرف من القديسين!
وأن مبارك كان يبكي الليل على شعبه، وفي النهار يقوم بتوزيع الحلوى على كل بيت مصري.
وأنه لم يلمس قرشا واحداً من دعم الاشقاء وخزانة الدولة، وكان يرتدي بدلة واحدة من معونة الشتاء، وأن ابنه لم يشتر ديون مصر، وأن المليار جنيه التي تبرع بها أحمد عز للحزب الوطني كانت فكــَّــة في جيبه من أرباح نفايات الحديد التي دفنها تحت التربة الزراعية في دمنهور حتى تصبح المأكولات مثل الحديد.
أقول هذا الكلام بمناسبة الحملة الشديدة التي يقوم بها أبناء مبارك وإحنا آسفين يا ريس وغيرهم قبل صدور الحُكم القضائي عليه، فرائحة كريهة تزكم الأنوف تجري مع الرياح في وجوهنا.
آه يا بلد، يحاربك فلول، ويقتل إرهابيون أبناءك، يستدعي أوغاد طاغية ليبصق علينا، ويتلذذ أوساخ باصطياد جنودك ورجال أمنك.
في حالة خروج مبارك وابنيه فلن أحزن أو أحتج أو أبكي أو أشعر بالظلم أو بالغبن أو بالذل أو بالمهانة إذا وقفوا ثلاثتهم في شرفة أحد القصور الرئاسية وخلعوا سراويلهم .. وطرطروا على رؤوسنا!
لا أعتذر، لأول مرة، لهذه اللغة فلم أعثر في كل قواميسي ومفرداتي عن كلمات تحل محلها، فهل أجد لديكم الكلمات الطيبة المخففة مثل إحنا آسفين يا ريس؟
محمد عبد المجيد
طائر الشمال