محمد حليم بركات يكتب : صباحي يناظر السيسي
ماذا لو تجرأ عبد الفتاح السيسي وقرر قبول دعوة حمدين صباحي ومواجهته أمام المصريون في مناظرة بين مرشحين رئاسيين في بلدٍ يطمح شعبه في الديمقراطية الحقيقية التي هي السبيل الوحيد لنهضة الأمم.
إذا كانت هناك نية حقيقية لإنجاح مناظرة في الفترة المقبلة فيجب أن تكون على الهواء مباشرةً من دون أدنى منتاج ليكون احتكاك حقيقي يعرف الشعب من خلاله الوجه الآخر لكل مرشح، كما ينبغي أن يكون القائمون على هذه المناظرة إعلاميون محايدون غير معلوم إنتمائهم السياسي مذيعون مثل «ليليان داوود و شريف عامر» .. ضماناً للمصداقية.
حمدين صباحي يمتلك موهبة الإلقاء بطلاقة من دون أي تجهيز مسبق وسيستطيع الرد على جميع الأسئلة المتوقعة والغير متوقعة بامتياز.. وعبد الفتاح السيسي يمتلك مهوبة الإجابة عن السؤال من دون إجابة أي الهروب بطريقة غير مباشرة إذا لزم الأمر.
من خلال فترة الأسئلة المباشرة من مرشح للأخر سوف يعتمد حمدين صباحي على علاقة السيسي بنظام مبارك قبل سقوطه ورموزه الذين هم حوله ويدعمونه ويروجون له في الحملة الإنتخابية.. أما عبد الفتاح السيسي سوف يعتمد على علاقة حمدين بالإخوان قبل الثورة وبعدها.
وإذا افترضنا أن لكل مرشح حق سؤال الأخر ثلاثة أسئلة غير الأسئلة المتطابقة التي سوف توجه لكليهما من قبل المذيعين الذين يديرون المناظرة.. من المتوقع أنها سوف تكون كالأتي:
صباحي يسأل السيسي:
- لقد أعلنت منذ ٣٠ يونيو أنه لن يترشح أحد من المؤسسة العسكرية في الإنتخابات القادمة لمنصب رئاسة الجمهورية كي لا يقول أحد أن الجيش تحرك من أجل مصالح شخصية.. هل الجيش الأن لم يعد يهمه رأي الناس وحكم التاريخ في ٣٠ يونيو وتسعون الأن للمنصب من أجل مصالحكم الخاصة.. ولماذا يدعمك رموز نظام مبارك في ترشحك وينفقون أموالاً طائلة في الدعاية؟
السيسي:
منذ ثورة يناير وتكليف الجيش المصري قيادة البلاد وما تسبب فيه من توتر بين علاقة الجيش بالشعب بسبب المتأمرون على هذا البلد من الذين خططوا للوقيعة بين الشعب والجيش قررنا أن نسلم السلطة في أسرع وقت ممكن وعدم العودة مرة أخرى إلى الشارع السياسي نهائياً.. حيث لم نكن نتوقع أن الرئيس السابق محمد مرسي سوف يذهب بالبلاد إلى ٣٠ يونيو، وبنزول الشعب كله للشارع وأمرنا بتحقيق مطلبه في رحيل الرئيس وجب علينا الإنصياع لرغبته لأن الجيش جيشهم، وبعد إعلان خارطة الطريق رفضنا كجيش حكم البلاد وجئنا برئيس المحكمة الدستورية، لكن الشعب في ٢٥ يناير الماضي نزل بالملايين إلى الشارع كي يطالبوني بالترشح للمنصب وهنا وجب علي الإنصياع للشعب، ولم نكن أبداً ننتوي هذا.. أما بخصوص حكم التاريخ فدعه للأجيال القادمة في التي سوف تحكم بيننا.. أما بخصوص رموز نظام مبارك، فلست مسؤولاً عما يفعلون كما أنني لم أتقابل أو أجلس مع أياً منهم، وهم يفعلون هذا دون أن يطلب منهم، أحد كما أنني لا أستطيع منع أحد من حبه لي ورؤيته في أنني الأصلح، ما يمكن أن أكون مسؤولاً عنه هو أن يكونوا ضمن حملتي الرسمية وهو مالم ولن يحدث.
السيسي يسأل صباحي:
- تقول أنك ناصري النزعة وتحب نظام جمال عبد الناصر، ومع ذلك تقول أنه لا يجب أن يحكم مصر من هو صاحب خلفية عسكرية.. ألم يكن «البك باشي» جمال عبد الناصر عسكرياً ؟ أليس هذا تناقض منك !؟
صباحي:
تعقيباً على إجابتك السابقة.. أذكرك بأنك طلبت في أول حوار صحفي أجريته بعد ٣٠ يونيو بأن يتبنى المثقفون حملة لكتابة مادة في الدستور بأحقية وزير الدفاع الترشح للرئاسة مع الإحتفاظ بمنصبه حال فشله، كما بينت للناس أمنيتك في هذا المنصب وتركت إعلاميوا نظام مبارك يوجهون الشعب لمطالبتك بالترشح بداعي أنك الوحيد الأصلح لهذا.. كما أنك من المفترض أن تخرج للناس وتقول أنك تتبرأ من نظام مبارك ورموزه طالما تعترف بثورة يناير.
مثلي مثل أي مصري وطني شريف يقدر الجيش المصري العظيم ويحترمه ويدعمه، ولكن في حماية الوطن وليس في حكمه.. كما أن وضع الجيش المصري في عام ١٩٥٢ ليس كوضعه الأن بعد ستون عاماً، فوقتها كان الجيش مهلهل وضعيف وكانت مصر في حاجة إلى رجل عسكري كي يعيد بنائه من جديد والمستعمر كان موجوداً في مصر ويجب أن يستمر عبد الناصر إلى أن يستقر الحكم لكن العدوان على مصر أوجب عليه الإستمرار حتى توفاه الله.. وناصريتي وحبي لعبد الناصر جاءت بسبب انحيازه للفقراء والعدالة الاجتماعية التي تحققت لأول مرة في التاريخ على يده وقيامه بالثورة الصناعية العظيمة التي نهضت بمصر وبعمالها، تلك المصانع التي باعها بفساد نظام مبارك العسكري الذي أهدر ثروات مصر.. أما الجيش المصري الأن مختلف تماماً، فأصبح جيش منتج صناعياً وزراعياً وإنشائياً وأصبح إمبراطورية إقتصادية كبرى، وليس في حاجة إلى رئيس عسكري خاصة وأن الدستور الجديد يعطي للجيش الإستقلال التام عن الرئيس الذي يحكم مدنيين وهم أولا بواحداً منهم مدنياً مثلهم.
صباحي يسأل السيسي:
- كنت المسؤول الأول عن الأمن منذ ٣٠ يونيو بصفتك نائب رئيس الوزراء للأمن ووزيراً للدفاع، والجرائم الإرهابية حدثت وأنت مسؤول وتعهدت بإنتهائها في خلال عشرة أيام وهو مالم يحدث كما أن الحالة الأمنية متدهورة للغاية، فكيف تدعي أن أولوياتك في الرئاسة سوف تكون فرض الأمن، وهو ما فشلت فيه لمدة تسعة أشهر كاملة ؟
السيسي:
الشرطة كانت منهكة تماماً ولم تسترد عافيتها منذ ثورة يناير وكانت تحتاج لبعض الوقت كي تستعيد هيبتها وأعطيت أوامر لقوات الجيش بمساعدتها وهو ما حدث واستطعنا أن نحبط محاولات وجرائم إرهابية أكثر بكثير وأشد مما حدثت، لكن يد الإرهاب غاشمة وغير أدمية، والحالة الأمنية أعتقد أنها أصبحت أفضل جزئياً مما كانت علية بعد ثورة يناير.. وإن قدر لي الله أن أصبح رئيساً لمصر سوف أتبع أحدث الأساليب المتبعة في الدول المتقدمة كما سأعتمد على الأدوات والتقنية الحديثة الخاصة بالأمن.
السيسي يسأل صباحي:
- تقول أنك ضد تيار الإسلام السياسي وخاصة جماعة الإخوان الإرهابية.. إلا أنك كنت حليفاً لهم قبل ثورة يناير وبعدها في انتخابات البرلمان، وكيف تسعى الأن للحصول على أصواتهم في الإنتخابات الرئاسية المقبلة؟
صباحي:
من الطبيعي أن يكون التيار الناصري ضد تيار الإسلام السياسي وبالأخص كما ذكرت جماعة الإخوان المسلمين.. إلا أن نظام مبارك القمعي والذي استمر لثلاثون عاماً أكبر كل تيارات المعارضة من الناصريين والليبراليين واليساريين وبالطبع الإخوان المسلمين في أن يتحدوا وينسوا خلافاتهم الفكرية من أجل تشكيل قوة في وجه نظام مبارك وهو ماحدث واسقطناه، أما بعد الثورة فلم أتحد مع أحد لكن الحزب قرر المشاركة في قائمة الإخوان وهذا ليس قراري بل قرار الحزب.. وأذا أردت حقاً أن تتحدث عن التحالف مع الإخوان فالأولى بالإجابة هو أنت عندما كنت أحد أعضاء المجلس العسكري الذي تحالف مع الإخوان وباع لهم الثورة.. أما عن سعيي لنيل أصوات الإخوان في الإنتخابات، فأنا قلتها مراراً قل ذلك وأكررها الأن.. لا أريد صوتاً كائناً من كان لا يعترف بأن ٢٥ يناير و ٣٠ يونيو ثورة شعبية، ولا أريد أصوات قتلت اللأبرياء، أما من تراجع عن فكرة الإنقلاب فمرحباً به مصرياً وطنياً.. غير هذا ما أبغي.
صباحي يسأل السيسي:
- بعد ٣٠ يونيو كنت تريد الإستفاء على بقاء الرئيس المعزول محمد مرسي إلا أن الدكتور محمد البرادعي رفض هذا وأصر على الرحيل، وكنت تريد أن يدير البلاد مجلس رئاسي على رأسه أحد أعضاء المجلس العسكري إلا أن الدكتور محمد البرادعي رفض أيضاً وأصر على رئيس المحكمة الدستورية، وكان من الممكن أن تفرض العدالة الإنتقالية والمصالحة على الإخوان بعض أن أصبحوا في موقع الضعيف.. لماذا أقررت فض الإعتصام بالقوة ولم تستجيب هذه المرة لطلب الدكتور محمد البرادعي لإتمام التفاوض والمصالحة، وما هو رأيك في موقفه من الإستقالة؟
السيسي:
نعم كنت أريد إستفتاءاً على الرئيس حفاظاً على الشرعية الدستورية وكي لا يتقبل المجتمع الدولي فكرة أن ما حدث إنقلاب عسكري على الرئيس.. كما كنت أريد أن يكون هناك مجلس رئاسي من جميع التيارات السياسية ويكون رقيباً عليه محايداً من المؤسسة العسكرية كي أرضي جميع الأطراف إلا أن فكرة الدكتور البرادعي كانت أوجه وأقنع بها الحاضرين جميعاً كالفكرة الأولى.. أما بخصوص قرار فض الإعتصام فهذا كان قرار مجلس الدفاع الوطني بالإجماع ماعدا الدكتور البرادعى، ولم يكن في الحسبان أن يكون رد فعل الإخوان بهذه الطريقة البشعة والغير أدمية وأعترف أنه كان من الممكن الصبر ولو قليلاً حتى إنهاء التفاوض الذي كان قد بدأ بالفعل لكنه لم يكن رأيي وحدي.. أما بخصوص إستقالة الدكتور محمد البرادعي لم أتفاجأ بها بل وتوقعتها لعلمي بشخصه وأقول بكل صراحة أمام الجميع.. الدكتور البرادعي رجل وطني بل أكثر وطنية من كثيرين ولا أقبل أي تجاوز في شخصه أو التشكيك في وطنيته.
السيسي يسأل صباحي:
- كيف تريد أن تدير دولة بحجم مصر وأنت ليست لك خبرة إدارية مسبقة، ولم تكن صاحب عمل ناجح طوال فترة حياتك.. هل تعتقد أن النضال وحده يكفي لحكم بلد بحجم مصر؟
صباحي:
أعتقد أني أجبت على ذلك السؤال مرات عدة.. ففضلاً عن أني عملت مهنياً في مهنتي وهي الصحافة طوال فترك حياتي حتى انتهى بي الأمر إلى رئاسة تحرير جريدة الكرامة في ٢٠١٠.. فقد كنت عضواً في البرلمان لدورتين متتاليتين وأعلم جيداً دولاب الدولة ومشاكلها وكيفية إدارة الحلول لتلك المشاكل، فضلاً عن عملي السياسي منذ أكثر من أربعون عاماً كما أني سوف أعتمد في إختياراتي لمن يعملون معي على الكفاءات العلمية والعملية والإدارية في شتى المجالات.. كما يبدو أنك تنسى أن جمال عبد الناصر الذي هو المثل الأعلى بالنسبة لي ولك في حكم مصر وأعظم رئيس حكم مصر حتى الآن لم تكن لديه خبرة في أي شيء سوى العسكرية مثلك تماماً فلست لك خبرة دونها، لكنه كان يمتاز بالإرادة ونقاء الضمير.. إلا أن الوضع الأن غير زي قبل فالرئيس الأن ليس مطالب بالخبرة العسكرية لأنه منفصل تماماً عنها بحكم الدستور، كما أعتقد أن خبرتي السياسية لا تضاهيها خبرة في أي شخص أخر، وهي الأهم في الفترة المقبلة طالما الوطن يسعى قدماً نحو الديمقراطية.
هل يستطيع عبد الفتاح السيسي أن يمتثل لإرادة الناس ويقف أمام حمدين صباحي كي يجيب على هذه الأسئلة المتوقعة من حمدين.. وإن إستخدم نفس الإجابات.. أم أنه يخشى فكرة المواجهة من الأساس؟