حروف على الفضة " قصة قصيرة "

حروف على الفضة

كان الطريق يوشك على الانتهاء وأضواء الشوارع تترنح بين هبات الضباب التي تهاجمها بين الحين والأخر تحاول أن تغتال وميضها ، أصوات خطواتنا على الطريق تتصارع على الإسفلت خطواته عالية مسرعة لا تخفى رغبته في الوصول إلى النهاية وخطواتي مترددة مرة تصدر من مقدمة الحذاء وأخرى من الكعب ، تئن من انقيادها وراءه.

لم يكن على الطريق سوانا ....

وبين الحين والآخر تأتي من خلفنا سيارة فترسم ظلنا بامتداد الطريق ثم يأخذ في الانحسار حتى يختفي تحت أقدامنا ، وتختفي معه رغبتنا حتى في الحديث ، لم أجد شيئا أقوله حتى دموعي لم أجدها حتى تخلصني من هذه الغصة التي تقف في حلقي منذ أن حدثني عن النهاية .

عندما وصلنا إلى مفترق الطرق بين بيتي وبيته لم يقف ولم ينظر إلي وقال بصوت خافت" تصبحي على خير " ولم ينتظر ردي الذي لا اذكر هل خرج مني أم لا وقفت انظر إليه وهو ينسحب بين نسيج من الضباب و الضوء الخافت كأنه شبح ترسمه خطوط الضوء والضباب.

كنت على أمل أن يلتف مرة إلى أو إلي الطريق المسجى خلفنا لكنه لم يفعل واختفى بين الضباب

وبدأت نفس تحدثني هل هذه حقيقة أم انه حلم وسأستيقظ منه الآن على نغمته الخاصة على تليفوني ويجيء صوته من خلف الهاتف " صباح الخير يا قمر أنتي لسه نايمة "

وحاولت أن امنع عقلي من ايقاظي من هذا الحلم، حلم أن ما حدث بيننا حلم وسأستيقظ . كنت اخشي أن استفيق من أفكاري هذه فاصدم بحقيقة الأمر وان ما أعيشة حقيقة وليس حلم .

وبدون أن ادري وضعت يدي في جيبي لأخرج مفتاحي فوجدتها راقدة في جيبي باردة مستسلمة لمصيرها ، ملتصقة بالمفاتيح تتوارى بينها من سوء ما تبشر به ! عرفتها من ملمسها ومن حجمها فانا من اخترتها له من فضة ملساء وعليها خطوط عرضية صغيرة من الخارج وتحسستها من الداخل فوجدت حروفي محفورة عليها على استحياء .

مهاجر