zahra عضو ذهبي
عدد المساهمات : 761 السٌّمعَة : 3 تاريخ التسجيل : 24/05/2010
| موضوع: مات العارف بالله المربي الفاضل عمي الشيخ عبده أبو الحسن الخميس 27 مايو 2010 - 21:15 | |
| اصطنع الحق تعالى احبائه لنفسه ورباهم على عينه وجعل قلوبهم خزائن معرفته فاودع فيهم من دقائق سره لا تدركه العقول . الا انهم انوار الله المتلألئة في سماء مملكته , وعباده الساجدون على بساط خدمته من دنا من ساحتهم أحلوه خير مقام ومن فاز بصحبته نال الوصال الى الملك العلام . من اولئك الواصلين والاعلام المربين , معدن التقى والاخلاص ,وصفوة الاولياء الخواص سيدي نور الدينعي الخواص البرلسي . سيد من سادات القوم وركن من اركان الطريق , وشيخ تربى على يديه ائمة واعلام وحسبك ان من ابنائه في الطريق : الامام العارف ترجمان التصوف سيدي عبد الوهاب الشعراني . والامام الخواص شخصية صوفية تحتل الذروة في عرفانها وتحققها باسمى المقامات , فلو ذهبنا نتعرف على تلك المواهب التي منحها القطب الخواص لضاقت بنا السطور وتحيرت منا العقول ازاء هذه المنح الاصطفائية التي لا يحدها وصف ولا حصر , ولكن سنسير من عمق هذه الشخصية ما تهيأ لنا . فليسمح لنا العارف الخواص ان نقتبس من اضواء سيرته المباركة ونسبح في بحر عطائه بالفكر والتامل لنعرف فضل الله تعالى على اوليائه , وفضلهم على سائر الناس . وفي مقدمة التصوف على العارف الخواص نتساءل عن المنهل الصوفي الذي شرب منه ثم سقى منه غيره , ولكي نطمئن الى كل ما سنعرف عن الخواص من مواهب الهية وفتوحات ربانية حين نعلم انه تربى صوفيا على يد القطب المحمدي سيدي ابراهيم المتبولي . يقول العلامة المناوي في الترجمة الشخصية للعارف الخواص ( وكان في ابتداء امره يبيع الجميز وهو شاب عند الشيخ ابراهيم المتبولي بالبركة , ثم أذن له ان يفتح دكان زيات , فمكث بها نحو اربعين سنة , ثم ترك , وصار يضفر اتلخوص حتى مات ) , ومكانة القطب المتبولي غير خافية على من له قدم في المعرفة الصوفية , ويكفي ان نشير هنا الى سمو منزلته كشيخ للعارف الخواص من خلال تلك العبارة التي قالها متحدثا بنعم الله : ( نحن في الدنيا خمسة لا شيخ لنا الا رسول الله : ( الجعيدي – يعني نفسه – والشيخ ابو مدين والشيخ عبد الرحيم الفتاويب والشيخ ابو السعود بن ابي العشائر والشيخ ابو الحسن الشاذلي ) ان هؤلاء الخمسة الذين ذكرهم العارف المتبولي يمثلون المدرسة المحمدية في عصرهم وهم سادة اهل الارض في عرفانهم بالله وصدق عبوديتهم له . وانطلاقا من مضمون هذه الحقيقة التي تعرفنا بمقام القطب المتبولي شيخ العارف الخواص فانا ولا شك سنجد الكثير والكثير من ثمار هذه التربية , فقد اسلم سيدي علي نفسه لشيخه ليوصله الى مقامات الرجال , فتعهد شيخه بالصقل والتريبة حتى صارت صورة شيخه منعكسة في شخصه . ولقد كان القطب المتبولي بعده لكي يكون خليفته من بعده . لقد آثر عن سيدي علي الخواص ما يشير الى انه كان ابراهيمي المقام اذ ذكر الامام الشعراني في مننه ان شيخه كان يقول : ( أخذت طريقي هذه عن سيدي ابراهيم المتبولي عن رسول الله وتارة يقول : أخذت طريقي هذه عن ابينا ابراهيم الخليل ) . واجتماع الولي بالنبي انما هو اجتماع في عالم الارواح بعد صفاء روح الولي وتحررها من كثافة ترابيته ولا تتنافى تلك المتابعة الابراهيمية التي أشرنا اليها مع متابعةالرسول الاعظم لأن ما هو لسيدنا ابرهيم انما هو بالاصالة لسيدنا محمد لأنه نبي الانبياء . ثم لقد تحقق سيدي علي الخواص فيما بعد بالارث المحمدي بحكم وراثته لمقام سيخه المتبولي , فلقد ذكر الامام الشعراني عن الشيخ ابي الفضل الاحمدي ان سيدي عليا لم يمت حتى صار يأخذ عن رسول الله بلا واسطة . ولذلك يفخر القطب الشعراني بأن بينه وبين رسول الله في التربية رجل وواحد هو شيخه الخواص , ولقد ورث سيدي الخواص سيدي ابراهيم المتبولي وصار بعده قطبا راسخا في الولاية , ولقد كان من مظاهر هذا الارث ان شيخه كان يقام له سماط كل سنة على سد يأجوج ومأجوج ويحضره جميع الاولياء من سائر اقطار الارض وهو بمثابة حفل تكريم يحتفل فيه الاقطاب بسيدي ابراهيم وتتلاقى انوار العارفين في هذا المشهد الروحي العظيم ونعم النفحات والبركات ارجاءالكون ,, وقد ظل هذا السماط يقام للقطب المتبولي حتى انتقل الى جوار مولاه , فلما ورثه القطب الخواص صار يقيم السماط الذي كان يقام لشيخه بل لقد زاد سماطه على سماط شيخه بان صار يحضره ارواح الشهداء والانبياء اضافة لجمع الاولياء اجمعين . وقبل ان نترك الحديث عن تربية الامام الخواص الصوفية : نضيف انه نهل الى جوار المورد المتبولي من مورد شيخ آخر هو سيدي محمد ابو البركات الخياط : وهو الذي دفن الشيخ الخواص بضريحه المقام بالحسينية بمصر . ولقد أنبأه شيخه أبو البركات بذلك مسبقا وهو حي , اذ قال له : ( يا علي : لا يشتهر الضريح والمزارالا بك) وقد تحقق ما قاله الشيخ : إذ لم يشتهر الضريح الا بعد ان لحق سيد علي بربه وانتقل الى جوار شيخه سنة949 هـ فعرف المزار واشتهر بسيدي علي الخواص مع انه اصلا لشيخه ابي البركات . والان وبعد تطوافنا بمنابع التاثر الروحي التي استمد منها العارف الخواص ذاتيته الصوفية , لنتعرف على ثمار هذا التاثر ونتسلق ذرى هذه القمة الشامخة لنقف على مشارف الفتح الالهي في شخص العارف الخواص , وهنا نجد لزاما علينا ان ندخل البيت من بابه . وباب الخواص هو الامام الشعراني الذي تتلمذ على يديه ونال في فتحه الالهي , لقد ذهب اليه وهو من اعلم الارض بشرع الله وافقههم في دينه واكثرهم موسوعية و الماما بشتى فنون المعرفة , ذهب هذا الامام بكل ما يحمله من مواهب الى رجل امي ليدخله الى حضرة الله ولكن هذا الامي – رغم اميته- كان كنزا مخفيا من كنوز الله في ارضه , فتسلم هذا الامي ذلك العالم ليقول له : ( انك لست بعالم بعد , لانك تاخذ علمك عن المحددثات واما نحن فناخذ علمنا عن الله بلا واسطة , وهذا العلم الذي بلا واسطة هو العلم اللدني , والسبيل اليه هو تربية النفس وتطهير القلب من الاغيار لتحل فيه الانوار , , وأمره ان يبيع كل كتبه ويتصدق بثمنها وان يترك طلب العلم تماما لمدة سنة كاملة ثم يحضر اليه , ففعل ذلك بين يديه ولقنه الذكر , وأخذ عليه العهد واعطاه الورد وقال له : ( يا عبد الوهاب لا يفتح عليك الا بروضة المقياس فاذهب اليها في غد بالدواة والقرطاس وانتظر الفتح الالهي ) . فامتثل الامام الشعراني امر شيخه . وفي روضة المقياس جاء الفتح الالهي فاخذ يدون في قراطيسه من فيض الهامه ويعرضها على شيخه لكن الشيخ يأمره بمحوهالان فيها شائبة علم مكتسب وما زال يكتب ويمحو حتى تمحض له العلم اللدني فقال له الشيخ : ( لقد تم امرك وعلا قدرك وشاع ذكرك وروى قلبك عن ربك فاكتب ما شئت ) . ويخبرنا الامام الشعراني انه بعد فتحه قد غطس في بحر علوم شيخه القطب الخواص خمس مرات وفي كل مرة وجد صيدا من خزائن علومه اللدنية , فلما اراد ان يغطس السادسة استحال البحر حجرا اذ قال نال نصيبه من بحر علوم شيخه العارف , حديث الامام الشعراني عن هذه الغطسات الخمس :قد لايجد متسعا في عقول الكثيرين او في تصورهم , ولكن موضوعية البحث تلح في طلب الحقيقة ايا كان مدى تصورها , يقول العارف الشعراني انه حينما غطس في المرة الاولى في بحر علوم شيخه وجد جملة العلوم التي برزت من اللوح المحفوظ الى جميع هذا العالم على اختلاف طبقاته من الصديقية العظمى الى اخر درجات الولاية. وفي المرةالثانية وجد جملة ايات من القران الكريم وتحت كل اية تفسيرها بما شاء الله من العلوم . وفي الثالة : وجد جملة الاحاديث النبوية الشريفة بشروحها ودلالاتها وعلومها التي لا تحصى . وفي الرابعة : وجد علم التاويل الخاص بتأويل ما أخذه عن الكمل من اهل الله تعالى . وفي الخامسة وجد جملة من الحقائق المتفرقة التي لا تتنازع فيها العقول الانسانية ... والامر الذي يحير الالباب بعد كل هذا العطاء الالهي الذي لا يحده تصور ان الامام الشعراني يصرح بان ما وقف عليه في غطساته الخمس لا يمثل حقيقة ما منحه شيخه الخواص من فتح الهي , اذ يقول : ان بحر علوم شيخنا لا يدرك لا قرار , ولذلك قصدت حين غطست فيه المواضع القريبة من الساحل رفقا بالسامعين اذ الغور في ذلك لا مرقى لغالب الاولياء اليها فضلا عن غيرهم . ترى ماذا يخامر عقولنا ازاء تلك المواهب الالهية وقد جاوزت مدى التفكير وخرجت عن حد التصور ؟؟؟ حقيقة : لا يسعنا الا ان نرددها في خشوع واجلال : ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ. ولنتابع السير مع هذا الولي العارف المعرف في حدود قدرتنا ما اتاه الله من فضله , لقد كان الشيخ الامي اذا تحدث في معاني القرآن اتى بما يحير افهام جهابذة العلماء ,ومع ذلك فقد كان يترفق على عقولهم ويمسك عما لا يطيقونه من خزائن علمه . ولقد كان يقل : ( من العلماء – ويعني نفسه – من يعطيه الله حكمة كل حرف تكرر في القران العظيم وجميع الكتب المنزلة من اي حرف شاء منه , ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ) . ومرة أخرى يقول : ( لا يصير الرجل عندنا معدودا من أهل الطريق الا ان كان عالما بالشريعة المطهرة مجملها ومبينها ناسخها ومنسوخها خاصها وعامها ومن حهل حكما واحدا منها سقط من درجة الرجال ). و لقد قصدنا ان نشبع الحديث عن الجانب العلمي عند الخواص لنؤكد تلك الحقيقة الصوفية الراسخة ( مااتخذ الله من ولي جاهل ولواتخذه لعلمه ). ولقد اكدت تلك الحقيقة ذاتها من قبل حينما راينا الولي الامي سيدي عليا الخواص في موقف الاستاذ المعلم لامام العلماء في عصره القطب الشعراني الذي صنف كتابا من اجابات شيخه الامين على اسئلته في مختلف افاق العلوم والحقائق والمتشابهات ,وقد كان الشيخ يجيبه عنها تارة بالسريانية وتارة بالعبرية او العربية . وقد اسمى الامام الشعراني كتابه ( درر الغواص على فتاوي سيدي علي الخواص ) . وهذا الكتاب آية فريدة في علوم الحقائق ولسان الاشارات ,ثم لنعرج الان على احوال الشيخ ومناقبه وكراماته التي تخبرنا بمنزلته بين اهل الله تعالى : لقد ذكر الامام الشعراني ان سيدي عليا رضي الله عنه كان ينظر الى الشخص فيعرف من أنفه جميع ما ارتكبه من المعاصي والاثام بفراسته الصادقة . وكان ينظر في الميضأة التي يتوضأ فيها الناس فيعرف جميع الذنوب التي غفرت وخرت في الماء من غسالتها .ويعرف أهل تلك الذنوب التي غفرت على التعيين ويميز بين غسالة كل ذنب وآخر من كبائر وصغائر ومكروهات . وكان اذا نظرفي دواة الحبر يرى الحروف التي تكتب منها الى ان يفرغ الحبر . وقد اخبر تلميذه سيدي افضل الدين ذات مرة حين راى دواة بالسطرالاول الذي سيكتب منها فترقب الكاتب حتى كتب فوجد كتابته منطبقة مع ما اخبر الشيخ حرفا حرفا . ويقول الامام النبهاني عنه في ( جامع الكرامات ) وكان اميا لا يكتب ولا يقرأ , كان يتكلم على معاني القرآن العظيم والسنة المشرفة كلاما نفيسا يحار فيه العلماء !! ثم ينقل عن الامام الشعراني قوله ( وكان شيخنا الشيخ علي الخواص يعرف بين الاولياء بالنسابة : لانه ينسب كل حيوان للجد الاول لذلك الجنس ) . وكان يرى في الليل والنهار معاريج اعمال الناس الى السماء على التعيين ,وكان كشيخه المتبولي لا يصلي الظهر بمصر ابدا بل يصليه بالجامع الابيض ( برملة لد ) وقد شهد له من هناك بصلاته الظهر دائما .وكان رضي الله عنه من ارباب الفتوة الذين يتحملون عن الامة البلايا والمحن باجسامهم وارواحهم ,وكان من اصحاب التصريف النافذ ,وقد سمع الامام الشعراني سيدي محمد بن عنان يقول ( االشيخ علي البرلسي اعطي التصريف في ثلاثة ارباع مصر وقراها ) .وسمعه مرة اخرى يقول : ( لا يقدر احد من ارباب الاحوال ان يدخل مصر الا باذن الشيخ علي الخواص ) . ويذكر الامام الشعراني ان سيدي عليا كان يعرف اصحاب النوبة في سائر اقطار الارض ويعرف درجات الفتح في قلوب العارفين .... وعن سائر اولياء الله اجمعين, وبعد فمعذرة لمولاي القطب الخواص اذ لم اف بحق مقامه السامي في حديثي القصير القاصر . وأنى يستطيع من هو راسف في قيود انيته الترابية ان يصف من تحرر من كل القيود وتجرد لمولاه وحبيبه فقرب منه انس به حيث هناك ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر . رضي الله عنك يا مولانا الخواص وسقانا من نبعك المصفى احلى واصفى ما يختص به الخواص من عباد الله تعالى آمين .
| |
|