أثار قرار رئيس الجمهورية بإقصاء النائب العام من منصبه وتعيينه سفيراً لمصر بدولة الفاتيكان العديد من ردود الأفعال، فرغم التعدي السافر على السلطة القضائية والتدخل غير المقبول، إلا أن هناك من يرى أن المستشار عبد المجيد محمود هو أحد أعمدة النظام السابق وعصاه، وكان عليه أن يتقدم من تلقاء ذاته بالاستقالة تحقيقاً لمبادئ الثورة.
ولأن منصب النائب العام هو تكليف وتعيين من قبل رئيس الجمهورية ويظل فيه حتى وصوله لسن المعاش، أدى هذا لطرح التساؤل حول إمكانية خلو منصب النائب العام .
طرح ''مصراوي '' التساؤل ليجيب عليه أساتذة القانون وشيوخ الدستور ...
في البداية، أوضح دكتور ثروت بيروني - أستاذ القانون الدستوري - أن النائب العام ينظم عمله قانون السلطة القضائية ويشمل اختصاصات النيابة العامة، ويتم تعينه من قبل رئيس الجمهورية، وقد كان من قبل يعين من قبل وزير العدل، قائلاً:'' حتى نتمكن من إقالة أو إخلاء منصب النائب العام لابد من تعديل قانون السلطة القضائية، ونقل تبعية تعيين النائب العام من قبل السلطة التنفيذية للسلطة القضائية متمثلة في مجلس القضاء الأعلى وبحيث يختار مستشاري النقض والاستئناف من يروه ملائما لهذا المنصب وفقا قواعد واشتراطات يتم التصويت عليها'' .
وأضاف :'' من الصعب التفكير في تعديل قانون السلطة القضائية خصوصاً الآن وسوف يتم الاتهام بأن التعديل تم من أجل الإطاحة بشخص، ولكن لابد أن يتم التعديل بعد تشكيل مجلس الشعب وعلى القضاة الاتفاق على اشتراطات تعيين النائب العام وضرورة أن لا يستمر وجوده بالمنصب عن أربعة أعوام وسوف تجعل تلك التعديلات منصب النائب العام مستقل تماماً''.
ويعلن بيروني أن الرئيس يحق له الآن بعد حل مجلس الشعب وإلغاء الإعلان الدستوري وتمسكه بالسلطة التشريعية والتنفيذية معاً أن يصدر قرار بتعديل المواد المنظمة للقانون ولكن بعد حدوث تلك الأزمة أصبح من الصعب إثارة الرأي العام مرة أخرى، وما يهم الآن أن يتم اختيار النائب من بين جموع المستشارين العاملين بسلك القضاء وليس بالنيابة العامة، حتى يمتلك النائب العام حس العدالة المكتسبة من المرافعات والاستماع والحكم بالقضايا .
ويؤكد أستاذ القانون الدستوري قائلاً: '' إن وضع النائب العام بدول العالم مختلف ما بين معين ومنتخب من قبل السلطة القضائية أو التنفيذية، وكل حسب وضع بلاده'' .
ويكمل شوقي السيد - أستاذ القانون الدستوري - أنه لا يحق للرئيس إقالة النائب العام أو تعديل المواد المنظمة لعمله إلا بعد وجود البرلمان، قائلاً:'' لكن الآن لا يجوز إلا في حالة الضرورة القصوى، وإلا سيكون من حق المحكمة الدستورية العليا الطعن في دستورية وشرعية القوانين كما حدث أيام السادات حينما حل مجلس الشعب وأصدر الرئيس مجموعة من القوانين تخص المرأة والطفل والأسرة وقضت الدستورية العليا بعدم شرعيتها وإلغائها وبالتالي فأى تعديل الآن لقانون السلطة القضائية لا يجوز طالما لم تقترن به الضروري القصوى'' .
ويقترح السيد أن يتم تعديل المواد بأن يتم التعيين من قبل مجلس القضاء الأعلى بعد الاختيار من مجموعة من المرشحين، ويكونوا من القضاة العاملين بسلك القضاء .
وبالنسبة لوضع النائب العام بالدول الأخرى، يؤكد شوقي أن أغلب الدول يعين الرؤساء بها رؤساء المحاكم والنائب العام، قائلاً:'' لكن لدينا هناك مشكلة في صعوبة استقلال منصب النائب العام إذا كان تابعا للسلطة التنفيذية، ومن ثما علينا تحصين المنصب من التدخل والتحكم به من قبل الرئيس'' .
ويرى المستشار محمود الخضيري أن التعديل لا يجب أن يتم الآن وعلينا الانتظار لحين عقد جلسات البرلمان القادم والتفكير في كيفية إخلاء المنصب، قائلاً:'' إخلاء منصب النائب العام الآن خطأ جسيم، رغم أن من حق الرئيس إصدار تشريع الآن، ولكن ظروف البلاد لا تسمح بالاشتباك بين السلطة التنفيذية والقضائية''