المبادىء العامة لحزب الدستور
برنامج للإصلاح والتقدم فى مصر
...(1) عبر تاريخها الطويل دأبت مصر علي مفاجأة العالم بصحوات حولتها فى وقت يسير الي مواقع القيادة والريادة في منطقتها وفي العالم ودلك عندما توفرت لها القيادة الرشيدة والتوافق الوطني...
حدث دلك عنما قاد محمد علي النهضة التنموية الشاملة التي اوصلت مصر في سنوات قليلة الي مصاف الدول الكبري في عصرها
وحدث ذلك عندما انتزع الشعب المصري بقيادة سعد زغلول استقلاله السياسي وارادتة الوطنية من اعتى امبراطوريات العصر حيث شرعت مصر في بناء دولة ديموقراطية حديثة لاول مرة في تاريخيها الطويل ...
كما تميزت الحقبة الناصرية الاولي بتدشين عهد جديد من العمل علي تحقيق التنمية الصناعية والعدالة الاجتماعية ...الا ان الظروف لم تمكن هدة الصحوات من استكمال تحقيق اهدافها، فقد وضع تكالب الدول العظمي ضد محمد علي نهاية لتلك الصحوة الرائعة في النصف الاول من القرن التاسع عشر ، كما وضع الانقلاب العسكري عام 1952نهاية للتجربة الديمقراطية في مصر ووضعت الهزيمة العسكرية عام 1967 نهاية لانجازات الحقبة الاولي من العهد الناصري ، وقد كانت الهزيمة العسكرية هدة نتيجة حتمية لقصور في التجربة الناصرية نفسها لعل اهمها الفشل في إقامة نظام ديمقراطى يطلق كل الطاقات الكامنة فى شعب طموح وذكى، أطاحت بطموحاته للأسف تطلعات فردية للتسلط فى الداخل، ومطامع أنانية فى الاستغلال والقهر من الخارج.
كانت النتيجة المحزنة ما لا يقل عن أربعة عقود من التقهقر أو الشلل فى مختف ميادين الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
إذ بينما حلت محل الدولة الملتزمة بمشروع نهضوى وطنى، دولة «رخوة»، إزاء أعداء النهضة فى الداخل والخارج، استمر السكان فى مصر يزيدون بمعدل مرتفع لا يسايره معدل الزيادة فى الاستثمار الموارد الاقتصادية المتاحة. وهكذا لم يزرد متوسط الدخل الحقيقى فى مصر، خلال هذه العقود الأربعة مأخوذة ككل إلا زيادة طفيفة للغاية، وازدادت نسبة العاجزين عن اشباع حاجاتهم الضرورية، من غذاء وملبس ومسكن وتعليم ورعاية صحية وسائل الانتقال، وتدهورت حالة البيئة فى المدن والقرى على السواء. وفى ظل توزيع مختل للقوة السياسية زاد أيضا احتلال توزيع الثروة والدخل، وانتشرت صور الفساد فى مختلف مراتب الحياة الاجتماعية والسياسية.
شهدت مصر أيضا فى هذه العقود الأربعة، نظاما سياسيا يدعى الديمقراطية وهو قائم فى الحقيقة على تركز شديد للسلطة إلى حد محاولة توريث رئاسة الجمهورية من الأب لابنه. وخلال ذلك كله أبدى الممسكون بالسلطة تهاونا مخزيا إزاء استهتار القوى الخارجية بالسيادة المصرية وبإرادة المصريين وكرامتهم، مما ترتب عليه انهيار مركز مصر فى العالم العربى والعالم الثالث، وفقدت مصر مكانتها الرائدة كقائدة لحركة تهضوية فى المنطقة العربية ولحركات المقاومة فى بقية العالم الثالث، ضد ما تمارسه القوى الكبرى من قهر واستغلال.
(2) فى ظل دولة هشة وعاجزة كالتى شهدتها مصر خلال العقود الأربعة الماضية، بدت مصر كالريشة فى مهب الريح، يعبث بها تطور الأحداث فى المنطقة العربية وفى العالم، دون أن تبدى أى قدرة على الافادة من أى تطور إيجابى وتعظيم أثره، ولا على مقاومة أى تطور سلبى لتحمى الشعب منه. فحتى الانجاز العسكرى الرائع الذى حققه المصريون بعبور قناة السويس فى 1973، لم تستطع السلطة السياسية استغلاله لتحقيق الآمال السياسية والعسكرية التى عقدها المصريون على هذا النصر بل قنعت السلطة السياسية بعقد اتفاقات متتالية مع العدو، ومهنية سياسيا وعسكريا، انتهت بزيادة عزل مصر عن بقية العرب. أما ارتفاع أسعار البترول الذى حدث فى أعقاب حرب أكتوبر 1973، وترتبت عليه هجرة واسعة النطاق إلى مختلف البلاد العربية فى الشرق والغرب من جانب المصريين الذين عجزت السلطة المصرية عن توفير فرص عمل مجزية لهم، فلم تستطع أيضا الدولة المصرية استغلاله بخلق فرص مجزية للاستثمار أمام مدخرات المصريين العاملين بالخارج، مما يساهم فى تحقيق نهضة صناعية وزارعية داخل مصر. بل فتحت أبواب الاستهلاكى البندقى والمظهرى أمام المصريين، وسمح لوسائل الإعلام بإثارة تطلعات استهلاكية حديدة لم يفد منها إلا مصدر والسلع الاستهلاكية الأجنبية ووكلاؤهم فى مصر. وترتب على ذلك تطورات اجتماعية خطيرة، فبالإضافة إلى زيادة النهم الاستهلاكى، وارتفاع معدل التضخم بلا ضابط، زادت حدة الازدواجية فى المجتمع المصرى التى ارتبطت باتساع الفجوة بين الثروات والدخل. فزادت الازدواجية فى مختلف مظاهر السلوك وأنماط الحياة، بما فى ذلك انماط التعليم نفسه، ولغة التخاطب.
وقد فجر هذا النمو فى الازدواجية الاجتماعية، ظاهرة مخيفة لم تشهد مصر مثلها لعهود طويلة، وهى ظاهرة التطرف الدينى، التى اقترنت بعدوانية غير مسبوقة ازاء أصحاب الأديان المغايرة. وانتشر هذا التطرف وهذه العدوانية فى الشارع المصرى، وفى المدارس والجامعات، وفى وسائل الإعلام، مما خلق حالة مفزعة من الإحباط واليأس لدى الأقباط دفعت الكثيرين منهم إلى الهجرة، أو على الأقل إلى زيادة الرغبة فيها، وإضعاف رغبتهم فى تقديم مساهمة ايجابية فى النهوض بالوطن.
لم يكن غريبا أن يقترن هذا بتدهور شديد فى طبيعة الخطاب الدينى السائد، وان تظهر أمثلة مذهلة فى درجة لا عقلانيتها فى تفسير الدين، سواء المتعلقة بتغليب المظهر على الجوهر، والاهتمام بالسلوك الخارجى دون ما يجرى داخل الذهن والقلب، أو تفضيل انسحاب المرأة من الحياة الاجتماعية، أو الدعوة إلى تقليد عادات قد تكون قد عرفت فى فترات سابقة من تاريخ المصريين والمسلمين، ولكنها لم تعد ملائمة للالم المعاصر، فضلا عن انعدام الصلة بينها وبين مبادئ الدين وأهدافه.
أدى النمو فى قوة هذه الحركات المتطرفة والدعوات اللاعقلانية والمنافية للحاجات الطبيعية للإنسان، ولمتطلبات الحياة فى العالم المعاصر، إلى نمو شعور ثقيل بالاغتراب لدى شرائح واسعة من المصريين، مما زاد من قوة شعورهم بالإحباط والاحجام عن المشاركة فى أى جهد مطلوب لنهضة وطنهم. كان كل هذا يحدث فى مصر بينما العالم من حولها يتقدم ويحرز انتصارا بعد آخر فى التقدم بالمعرفة والعلم، وفى الارتفاع بمستويات المعيشة والارتقاء بنوعية الحياة، وتحقيق المزيد من الاحترام لحقوق الإنسان، ومن مساهمة المرأة فى الحياة الاجتماعية، وفى ظل مزيد من التنوع فى الإبداع الفنى والأدنى...الخ. ورأى المصريون، من بين هذه الدول المشاركة فى إحراز هذا التقدم، دولا كانت حتى وقت قريب أقل تقدما من مصر فى مستوى المعيشة ومتوسط الدخل، وفى حالة التعليم (كالصين والهند) فأحرزت هذه الدول خلال هذه الأربعين عاما قفزات هائلة نحو الأخذ بأساليب الحياة الحديثة والتقدم فى العلم والمعرفة والتنمية وتحسين نوعية الحياة.
كما رأى المصريون بلادا إسلامية كانت أحوالها الاقتصادية والاجتماعية مثل حالهم منذ أربعين عاما، فحققت تقدما رائعا فى مختلف المجالات، دون التنكر لتراثها الحضارى والدينى (كاماليزيا وتركيا)، فأثبتت أن من الممكن الجمع بين الأخذ بأساليب التقدم ومتطلبات الدولة العصرية، وبين الاحترام الواجب لتراث الأمة.
(3) عندما خرج ملايين المصريين إلى الشوارع والميادين فى 25 يناير 2011 والأيام التالية، يطالبون بإسقاط النظام، كانت كل هذه الأفكار والمشاعر تطوف بأذهانهم، على درجات مختلفة من الوضوح، ومع تنوع سلم الأولويات للأهداف التى كانوا يطمحون إلى تحقيقها. فهناك من خرج مدفوعا أساسا بالسخط على سوء الأحوال الاقتصادية وشيوع البطالة، أو بالسخط على شيوعالفساد والظلم فى توزيع الدخل والثروة، وكان هناك الساخطون على الحرمان من الحريات السياسية وحق التعبير عن الرأى وعلى مخطط توريث الحكم، وكان هناك الثائرون على مظاهر المذلة وتراجع الكبرياء الوطنى فى علاقاتنا الخارجية، خاصة إزاء الولايات المتحدة وإسرائيل ...الخ. تجميع كل هؤلاء شاعرين بأن ما يجمعهم أهم بكثير مما يفرقهم، فاجتمع على نفس الأهداف المسلمون والأقباط، الرجال والنساء، من مختلف الطبقات الاجتماعية ومستويات التعليم، ومن مختلف الأقاليم والمحافظات، وعبروا عن أهدافهم المشتركة بشعارات بسيطة للغاية ولكنها تلخص كل هذه الأهداف «خبز، حرية، وكرامة إنسانية»، وأجمعوا على أن الشرط الضرورى لتحقيق هذه الأهداف كلها هو «إسقاط النظام» فلما سقط رأس هذا النظام، استجاب الجميع استجابة رائعة للدعوة للإدلاء بالرأى فى بعض التعديلات الدستورية فى مارس 2011، على أمل أن يعقب هذه التعديلات وضع دستور جديد يعبر عما يطمحون إليه من نظام سياسى واقتصادى سوى، وعن التغييرات المنشودة فى مختلف نواحى الحياة.
كما استجابوا بالاقبال على تكوين أحزاب جديدة تعبر عن هذه الآمال والتغييرات المنشودة، وعلى الترشح لانتخاب رئيس جمهورية جديدة يقود المصريين إلى تحقيق هذه الآمال. كان من الطبيعى، بعد أكثر من ستين عاما من تقييد الحريات، أن يسود الحياة السياسية بعد ثورة يناير 2011، اضطراب شديد تذهب فيه الآراء والأفكار مذاهب شتى، مما يسهل تفسيره بالغضب المكتوم لمدة ستة عقود، وكثرة الآراء المحرومة من التعبير عن نفسها طوال هذه المدة، واقتران ذلك بتدهور فى التعليم والإعلام، أدى إلى نمو اتجاهات لا عقلانية تعلق أهمية مبالغ فيها على المظهر دون الجوهر، وعلى أسلوب الخطاب على حساب المضمون، واقترانه أيضا بحرمان اقتصادى أدى إلى ارتفاع درجة التشنج وازدياد الميل إلى العنف فى معاملة أصحاب الآراء المخالفة، بل والمنتمين لأديان مخالفة. ضاعف من اضطراب الحياة السياسية فشل واضح فى إرادة المرحلة الانتقالية أدى إلى تهاون غير مبرر من بقايا النظام الذى ثار الناس لإسقاطه.
كل هذا الاضطراب كان يحتم على المصريين الوطنيين العمل على تجميع صفوفهم فى تكتل مختلف، يراعى بعض الشروط والمبادئ الضرورية لأى عمل سياسى ناجح، ومؤهل لقيادة البلاد فى هذه الأزمة المستحكمة، وفى ظل ظروف داخلية وخارجية بالغة الصعوبة، على أن يكون له أفق زمنى يتجاوز بكثير ما يتطلبه مجرد تجاوز الأزمة الراهنة.
(4) فيما يلى محاولة لابراز أهم هذه الشروط والمبادئ الضرورية لنجاح هذا التكتل:
أولا: رفض الاقصاء أو الاستبعاد غير المبرر
من البديهى أن أى تجمع سياسى جديد لا يوجه خطابه للجميع، كما لا ينتظر من الجميع نفس الدرجة من التعاطف والدعم. ولكن من الواضح أيضا أن مصر تمر اليوم بأزمة لا تحتمل استبعاد عناصر قد تختلف فيما بينها فى الآراء والمشارب، ولكن لا شك فى وطنيتها وإخلاصها لأهداف الثورة.
لابد إذن من رفض الاقصاء أو الاستبعاد غير المبرر، بل حصره فى التمييز بين الوطنيين وغير الوطنيين. وليس هذا التمييز بالصعوبة التى قد تبدو للبعض. نحن نصدر من افتراض، لا نشك فى صحته، بأن من يمكن وصفهم «بغير الوطنيين»، لايشكلون أكثر من نسبة ضئيلة للغاية من الشعب المصرى، هم من سمحوا لأنفسهم بتقديم مصالح شخصية وأنانية على مصلحة الوطن، أو بالرضا بالتبعية لقوى خارقية ولو تعارضت مع المصلحة الوطنية باستثناء هؤلاء، ممن يسهل إقصاؤهم عن صفوف هذا التكتل (أو الحزب) الجديد، عن طريق معرفتنا بتاريخهم السياسى أو الشخصى، لا يجوز فى رأينا إقصاء أى مصرى آخر، رجلا أو امرأة، مسلما أو قبطيا، فقيرا أو فقيرا، متعلما أو غير متعلم، يحبذ سياسة الاقتصاد الحر أو الاقتصاد الموجه...الخ. ففى رأينا أنه ليس من بين هذه الفوارق ما ينتقص من وطنية المرء أو يمنعه من المساهمة فى تحقيق نهضة الوطن.
ثانيا: ضرورة الدولة العصرية
مصر ليست جزيرة تعيش بمعزل عن العالم، وإذا كانت مصر، عبر عصور تاريخها المديد (وربما بدرجة أكبر من معظم الدول الأخرى) تتأثر دائما بما يطرأ على العالم من حولها من تغيرات، وتترك، فى عصور نهتضها، آثارا عميقة على الشعوب المحيطة بها، فإن هذا التفاعل المتبادل أصبح سمة أساسية من سمات عصر العولمة الذى نعيشه اليوم. إن انسحاب مصر من العالم لم يعد الآن قابلا للتصور ولا يجوز التسامح معه أو الصبر عليه، والتظاهر بأن مصر يمكن أن تعيش (ناهيك أن تحقق أى نهضة) فى عزلة ثقافية وذهنية عن العالم المعاصر، موقف يجب رفضه بكل قوة، بسبب تعارضه مع منطق التاريخ، ومن ثم تناقضه مع أهدافنا الوطنية.
يتعلق هذا المبدأ بموقفنا ممن يتصور ان المستقبل المرجو لمصر ىنحصر في اعادة انتاج الماضي وفي الواقع ان الازدهار والتقدم لا يتحققان بمحاكاة الماضي...بل بالقدرة علي استيعاب العناصر الجديدة ،ولم تفقد الحضارة الاسلامية ازدهارها وحيويتها الا عنما اخلد المتاخرون الي الجمودولم يضيفوا شيئا الي تراث اجدادهم ، ولن يعود هدا الازدهار الابالعودة الي حيوية التفاعل مع الثقافات الانسانية والتعامل مع قضايا العصر والتعايش مع الابداعات الفكرية الانسانية ورفض اضفاء هالة التقديس علي التراث فلا شئ مقدس سوي وحي السماء وكل ما عدا دلك فهو عمل انساني، ان الثقافات التي لديها الجرأة علي نقد تاريخها وتراثها واستخلاص الدروس المستفادة هي التي يمكنها ان تصوغ مستقبلها بروح خلاقة ومواكبة التقدم دون التخلي عن الاصالة....
فالماضي يدرس ويستوعب ليس رغبة في محاكاته او الاحتماء به وانما لتوظيفه في تغيير الحاضر
ثالثا: مبدأ المواطنة
لابد من الاعتراف، مع كل هذا، بأن أى نهضة ناجحة لأمتنا فى العصر الحديث، كما كانت دائما فى تاريخ أى أمة وفى أى عصر، لابد أن تقوم على احترام تراث هذه الأمة وتبجيله، سواء تعلق هذا التراث بالدين أو باللغة القومية أو بالمقومات الأخلاقية لهذه الأمة، أو يشخصيتها المتمثلة فى هذه المقومات وفى ابداعاتها الفنية والحضارية. لا يمكن أن تنهض أى أمة من فراغ، أو على أساس من هدم موروثها الحضارى أو التنكر له، وبزعم مخالفة هذا المرورث لموقف فكرى أو أىديولوجى معين.
ولكن التراث الذى يجب أن يحظى باحترامنا وتجيلنا لا يجوز أيضا تضييقه وحصره فى تراث حقبة واحدة من تاريخ هذه الأمة، بل يجب الاعتراف بالأثر الحى للتراث القومى فى مختلف حقبه التاريخية، طالما استمر ملهما للمصريين المعاصرين، ومصدرا لاعتزارهم بأنفسهم وفخرهم بأمتهم. التراث العربى والإسلامى للمصريين يحتل المكانة الأولى فى تشكيل الشخصية المصرية الراهنة، باعتبار أنه يتضمن العقيدة الدينية لغالبية المصريين، وباعتبار أثره فى تشكيل تقاليد وعادات ولغة وثقافة المصريين على اختلاف أديانهم. ولكن هذا لا يصلح مبررا للتفكر لتراث المصريين الذى يعود إلى حقب أقدم فى التاريخ، كالتراثين الفرعونى والقبطى، إذ تركا بدورهما أثرا لا يمكن من انكاره، ويجب أن يعتز به كل المصريين. المواطن الصالح لا يتنكر لجزء من تاريخه بدعوى أنه الأقدم أو الأصغر، بل يعتز بتاريخه كله ويحاول أن يكتشف مالا يزال يؤثر فى حاضره، وما سوف يظل دائما من دواعى فخره واعتزازه بنفسه، كما أن الإنسان لا يمكن أن ينكر الدور الذى يلعبه كل جزء من أجزاء حسمه، مهما كان حجمه. ولا بد هنا من الاعتراف بأن إصرار بعض المصريين على تجاهل حقب من التاريخ المصرى، وعلى انكار اعتبارها جزءا من التراث، بل والذهاب أحيانا إلى حد اتخاذ موقف عدائى من دين الأقلية ومن حقب تاريخية سبقت نزول الدين الذى يدين به غالبية المصريين، هو موقف يؤدى إلى الانتقاص من الموقف الوطنى المطلوب من الجميع، ومن ثم الانتقاص من قدرة المصريين على تحقيق نهضتهم المنشودة.
رابعا: مصادر القوانين
لا جدوى من إنكار أن للإنسان جوانيه الثابتة وجوانبه المتغيرة: جوانب ثابتة بحكم كونه إنسانا وجوانب متغيرة بحكم كونه كائنا خاضعا لتأثير اختلاف المكان والزمان. وقد نزلت الشرائع السماوية للتعبير والتعامل مع الجوانب الثابتة فى الإنسان، سواء تلك المتعلقة بعلاقة الإنسان بربه أو بغيره من الناس، أو بالطبيعة المادية، بينما تعددت اجتهادات الفقهاء والمفسرين وأصحاب المذاهب الاجتماعية لمواجهة الظروف المتغيرة فى حياة البشر.
لابد أن نلاحظ، مع ذلك، ميلا مؤسفا، يتكرر فى التاريخ الإنسانى، ويتمثل فى عدم إجراء التميز الكافى بين الثابت والمتغير، فإذا ببعض المواقف الفكرية التى جاءت لمواجهة ظرف تاريخى معين تعامل معاملة المقدسات الصالحة للتطبيق فى كل زمان ومكان، وإذا بعادات نشأت وسادت فى ظروف اجتماعية بعينها، كتلك المتعلقة بالزى مثلا، تعامل أيضا معاملة المقدسات لمجرد ارتباطها بمرحلة معينة من تاريخ نزول شريعة من الشرائع السماوية. وبالعكس يرتكب خطأ مماثل بانكار عمومية بعض المبادئ التى تخاطب الجوانب الثابتة فى حياة الإنسان، فيدعى نسبة كل شىء وجواز كل شىء، تغليبا لتحولات عارضة فى الظروف الاجتماعية على حاجات الإنسان الطبيعية التى تستوجب الاحترام، والتى نزلت من أجل صيانتها المبادئ العليا للشرائع السماوية. إن الموقف السياسى والتشريعى الحكيم يستلزم مراعاة هذه التفرقة بين متطلبات الحاجات الثابتة والمتغيرة فى حياة المجتمع. فلا نفرض على الناس مثلا، باسم التمسك بالشرائع السماوية، قواعد للسلوك جاءت لمواجهة ظروف اجتماعية مختلفة، ولكننا يجب أيضا ألا نستسلم لميول اجتماعية (أو ذاتية) عارضة، باسم مسايرة العصر، أو باسم احترام الحرية الشخصية، على الرغم من تعارضها مع المبادئ الأخلاقية الثابتة التى تضمنتها الشرائع السماوية.
خامسا: دور الدولة فى الاقتصاد
هناك أيضا فى مجال السياسة الاقتصادية، مبادئ ثابتة تستجيب لحاجات الناس الطبيعية، وتحقق الأهداف البديهية لأى مجتمع، كرفع مستوى المعيشة وتوخى العدالة الاجتماعية، ومبادئ وسياسات تواجه ما تفرضه الظروف المتغيرة، فى داخل المجتمع وفى العالم ككل، من حاجات جديدة ومتغيرة، تحقيقا لنفس تلك الأهداف البديهية والثابتة.
فى الخمسينيات والسيتنيات من القرن العشرين، سادت فى العالم ظروف جعلت من الممكن ومن المرغوب فيه أن تمارس الدولة (خاصة فى ذلك الجزء من العالم المسمى حينئذ بالعالم الثالث) درجة عالية من التدخل فى الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وإحلال الكثير من القرارات الإدارية محل التفاعل الحر لقوى السوق، وفرض قيود صارمة على العلاقات الاقتصادية مع العالم الخارجى، فيما يتعلق بتبادل السلع والخدمات وانتقال رءوس الأموال، ومن ثم فرض درجة عالية من الحماية بل ومن العزلة عن العالم الخارجى.
ثم حدث من التطورات فى العالم خلال الأربعين عاما التالية، أهمها ما يتعلق بتسارع ثورة المعلومات والاتصالات وارتفاع درجة التفاعل بين الأجزاء المختلفة من العالم، مما يشار إليه أحيانا «بالعولمة»، ما جعل من غير المرغوب فيه ولا حتى من الممكن ممارسة نفس الدرجة من تدخل الدولة فى الحياة الاقتصادية والعلاقات الاقتصادية الدولية، أو نفس الدرجة من الحماية والعزلة عن العالم. إن الأهداف العليا المتعلقة برفع مستوى المعيشة (التنمية) وبمراعاة اعتبارات العدالة الاجتماعية، لازالت هى هى، ولكن كثيرا مما كان ممكنا ومرغوبا فيه من أجل تحقيق هذه الأهداف، منذ نصف قرن أو أكثر، لم يعد ممكنا أو مرغوبا فيه بنفس الدرجة.
إن درجة معينة من التخطيط المركزى سوف تظل دائما ضرورية، وكذلك لا غنى عن دور هام للدولة فى توجيه النشاط الخاص ومراقبته والتنسيق بين ما يقوم به فى فروع الاقتصاد المختلفة، وتحقيق الإتساق بين الاستثمارات الأجنبية الخاصة وحركات رءوس الأموال وبين الأهداف القومية.
ولكن تجارب العالم المختلفة خلال نصف القرن الماضى علمتنا ما قد يترتب على التصلب الأيديولوجى من خسائر اقتصادية واجتماعية إلى درجة قد تهدد تحقيق الأهداف القومية. كما علمتنا مسيرة العولمة أن عصر الدولة القومية التى ملك التحكيم والسيطرة التامة على كل ما يجرى فى أراضيها، وعلى حماية مواطنيها من كل ما يجرى خارج حدودها حماية كاملة، هو عصر آخذ فى الزوال، ومن ثم لا مفر لتحقيق النجاح من اتباع سياسة تقوم على التوفيق الأمثل بين متطلبات الاستقلال وبين متطلبات التفاعل مع العالم فى نفس الوقت.
سادسا: العدالة الاجتماعية
إن حلول عصر العولمة، أو بالأحرى تسارع معدل العولمة، لم يقتصر أثره على إضعاف دور الدولة فى تسيير وتوجيه الحياة الاقتصادية طبقا لمخطط مركزى موضوع سلفا، بل كان له أثره الهام أيضا فى تحجيم دورها فى تحقيق العدالة الاجتماعية.
لقد احتل هدف تحقيق العدالة الاجتماعية مركزا ساميا فى الفكر الإنسانى وفى الحركات الاجتماعية منذ أقدم العصور، ولكن درجة النجاح فى تحقيق هذا الهدف كانت دائما محكومة بمدى تقدم وسائل الإنتاج ونمط التكنولوجيا السائد.
فدرجة العدالة توزيع الدخل والثروة التى يمكن تحقيقها فى مجتمع زراعى متخلف تختلف عنها فى مجتمع زراعى زكثر تقدما أو فى مجتمع صناعى حديث، كما تختلف أيضا، لنفس السبب، أشكال القهر والظلم الاجتماعى. لهذا كان من الطبيعى أن يتغير مفهوم العدالة الاجتماعية نفسه عبر العصور، لكى يساير ما هو ممكن وما هو مرغوب فيه فى ظل مستوى معين من التقدم الاقتصادى والتكنولوجى.
وقد كان من الطبيعى أيضا أن تلحق بهدف العدالة الاجتماعية تغيرات جديدة فى ظل التقدم التكنولوجى الذى أفرز ثورة المعلومات والاتصالات وتسارع معدل العولمة. فالحاجة إلى الاستعمارات الأجنبية الخاصة مثلا، فى عصر العولمة، تفرض قيودا على حرية الدولة القومية فى السير نحو تحقيق مزيد من العدالة، لم تكن قائمة عندما كانت هذه الدولة القومية فى عنفوانها، ولكن هذه الاستثمارات الأجنبية قد تخلق صورا من القهر والتمييز بين الناس تتطلب صورا جديدة من التدخل. بل ويمكن قول مثل هذا عن قدرة الدولة على فرض قيود على الاستثمارات الخاصة بالمحلية، فى ظل حرية كفلها عصر العولمة للانتقال برءوس الأموال من دولة لأخرى.
إن الدولة النامية فى العقود الأولى من القرن الحادى والعشرين لايمكن إذن أن تضع لنفسها أهدافا تتعلق بالعدالة الاجتماعية هى نفس الأهداف التى كانت توجه سياستها فى منتصف القرن العشرين.
هذا التغير الحتمى لا يجب أن ينظر إليه وكأنه نكوص عن هدف نبيل أو خيانة لمبدأ طال تعلق الإنسان به، بل يجب أن يننظر إلى هذا التغير بصدر رحب وبحكمة من يدرك أن السعى من أجل الوصول إلى نفس الهدف قد يتطلب انحرافا عن الخط المستقيم، إذا تعذر لسبب أو آخر اتباع أقصر الطرق إلى هذا الهدف. ولكن التدهور النسبى لدور الدولة فى إعادة توزيع الدخل لابد أن يعنى فى نفس الوقت زيادة أهمية الأشكال القانونية الأخرى التى يمكن أن تساهم، وساهمت بالفعل فى الماضى، بدور كبير فى تحقيق نفس الهدف، كمختلف صور الملكية التعاونية، والوقوف الخيرى، وأعمال المجتمع المدنى القائمة على العمل التطوعى.
إن كل هذا يمكن أن يحظى بتشجيع من الدولة دون أن تتولى الدولة المسئولية المباشرة عنه.
لقد شهدنا عصرا كانت النظرة فيه إلى هذه الأعمال التى لا تباشرها الدولة بنفسها، نظرة استخفاف بقدرة هذه الأعمال على تحقيق مزيد من العدالة الاجتماعية، ولكن ذلك العصر كان عصر الدولة القومية القادرة على عزل نفسها عن العالم، وهو عصر لم يعد قائما أو ممكنا اليوم، وحل محله عصر جديد لابد من البحث فيه عن أكثر الوسائل ملاءمة له فى تحقيق العدالة.
سابعا: التخلص من التبعية التكنولوجية
ان ما تقدم يلقى ضوءا مهما على معنى «التبعية» التى يتعين رفضها فى هذا العصر. فالاعتماد المتبادل أصبح سمة أساسية من سمات عالمنا المعاصر أكثر مما كان ى أى عصر مضى. ولكن ضرورة التفاعل مع الغير لا يجب أن نفهم بمعنى التنازل عن تحقيق الأهداف القومية أو التضحية بشخصية الأمة. تنحصر المهمة إذن فى اكتشاف أنجح السبل فى التدقيق بين الضرورات التى يفرضها عصر العولمة وبين مقتضيات المصلحة القومية والدفاع عن مقومات الأمة الذاتية.
إن شرطا أساسيا للنجاح فى هذه المهمة هو النجاح فى التخلص من التبعية التكنولوجية، إذ لا جدوى من رفع شعارات الاستقلال والتنبئة والحفاظ على الكرامة الوطنية فى ظل استمرار الاعتماد على الخارج فى استيراد التكنولوجيا اللازمة للتنمية وللدفاع، وفى ظل استمرار العجز عن تطوير قدرتنا التكنولوجية فى الإنتاج والدفاع عن الوطن.
ثامنا: القومية العربية
كانت حركة القومية العربية فى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى تستهدف تحقيق تكتل يزيد من قدرة العرب على مواجهة القوى الخارجية التى كانت تمارس احتلالا عسكريا لأراضى عربية، واستغلالا لموارد العرب الاقتصادية، وتفرض إرادتها السياسية ومصالحها الاقتصادية على حساب المصلحة العربية.
لقد تغيرت صورة العالم العربى تغيرا كبيرا خلال نصف القرن الماضى، فتحرر العرب وقلت تبعيتهم فى أشياء، بينما زاد تعرضهم للقهر وتعمقت تبعيتهم فى أشياء أخرى.
ان تحقيق المزيد من التكتل والتضامن العربى لازال، كما كان دائما، هدفا حضاريا وثقافيا وسياسيا واقتصاديا، وتنكر بعض العرب لآخرين من المنتمين لنفس أمتتم، يظل، كما كان دائما، عملا معطلا لنهضة العرب فضلا عن كونه عملا غير أخلاقى. ولكن فى هذا العالم الجديد الذى تشكل خلال الخمسين عاما الماضية وتكتسب بعض صور التضامن والتكتل العربى أهمية نسبية أكير مما كان لها فى الماضي، بينما تتراجع الأهمية النسبية لصور أخرى من هذا التضامن.
إن تجربه كتجربة الوحدة المصرية السورية فى 1958 مثلا، لم يعد من المتوقع الان أن تثير اليوم حماسا مثلما أثارته منذ خمسين عاما، لأسباب كثيرة ليس من المناسب الخوض فيها الآن. ولكن هناك من قضايا التضامن العربى ما لم يفقد أى جزء من أهميته بل وربما زادت أهميته مع ما حدث فى العالم العربى وفى العالم ككل من تطورات. من ذلك مثلا العمل على زيادة القدرة على المساومة مع الشركات متعددة الجنسيات، والتضامن لحمايته الثقافية العربيةواللغة العربية من تهديدات المجتمع الاستهلاكى واخطار العولمة، فضلا بالطبع عن التضامن فى مقاومة المخطط الصهيونى للتوسع العسكرى والاقتصادى.
تاسعا: القضية الفلسطينية وإسرائيل
لقد اتسمت السياسة المصرية والعربية خلال العقود الستة الماضية، أى منذ إنشاء دولة إسرائيل، بتكرار إعلان الرفض دون اتخاذ الوسائل اللازمة لجعل هذا الرفض موقفا ذا جدو فى السياسة الواقعية.
ونقصد بهذه الوسائل على الأخص تنمية القوة التكنولوجية الذاتية العربية. كانت النتيجة الحتمية والمأساوية لهذا الفشل ما نراه من مختلف أوجه التقهقر وعدم الفاعلية إزاء التقدم المستمر الذى تحرزه إسرائيل فى تحقيق أهدافها على حساب الأهداف والآمال العربية.
إن الذى يفرضه العالم الحديث على مصر وبقية الدول العربية، ليس التخلى عن آمالنا القومية أو عن حقنا فى الدفاع عن حقوق الفلسطينيين، بل هو اتخاذ الوسائل اللازمة لتنمية قدرتنا على فرض إرادتنا ومقاومة ما يريد الغير فرضه علينا، ومن أهم هذه الوسائل تنمية قردتنا التكنولوجية.
عاشرا: التعليم
إن تنمية قدراتنا التكنولوجية تثير الكثير من القضايا السياسية والاقصادية والاجتماعية، فالتقدم التكنولوجى له شروط تمتد إلى مختلف مجالات النشاط وتتطلب أوجها متعددة للإصلاح. ولكن من أهم أوجه الإصلاح الضرورية لتحقيق هذا التقدمما يتعلق بالتعليم. وهنا أيضا نجد أن ما حدث من تطورات فى العالم خلال نصف القرن الماضى يحتم أن يكون لنا نظرة جديدة واستراتيجية مغايرة، لإصلاح التعليم بالمقارنة بما سبق لنا تطبيقه قبل نصف قرن.
إن سياسة التوسع الكمى فى التعليم، بلا ضابط أو هدف إلا الوصول به إلى أكبر عدد ممكن من الناس، إذا كانت مقبولة فى عصر يتسم ببطء التقدم العملى والتكنولوجى، وبدرجة عالية من الاكتفاء الذاتى والانغلاق عن العالم، لم تعد مقبولة فى عصر انفتاح العالم كله، وزيادة الاعتماد المتبادل بين أجزائه واشتداد حدة المنافسة. فى هذا العصر لابد من ان يقترن التوسع الكمى بمراعهاة شروط الارتفاع بالكفاءة، وزيادة القدرة على المنافسة، وتشجيع التخصص، والاستغلال الأقصى للمزايا النسبية، ودعم كل وسائل تطوير البحث العلمى والابتكار التكنولوجى. إن الاعتراف بضرورة هذه الاستراتيجية الجديدة للتعليم، لا يفرض بالضرورة التضحية باعتبارات العدالة، كالتخلى مثلا عن مجانية التعليم، أو التباطؤ فى تحقيق مبدأ تكافوأ الفرص، المتاحة للطبقات الاجتماعية والأقاليم الجغرافية المختلفة، ولكنه يحتم علينا اتبداع وسائل جديدة للجمع بين هدفى زيادة القدرة على المنافسة وتحقيق المزيد من المساواة.
ومن حسن الخط أن التقدم التكنولوجى فى وسائل نقل المعلومات والاتصالات يمكن ان يساعدنا فى اكتشاف وتطبيق حلول جديدة تحقق الهدفين معا. وعلى سبيل المثال، لميعد التوسع الكمى فى التعلم ومحو الأمية يتطلب بالضرورة، كما كان منذ خمسين عاما، بناء فصول جديدة فى مبان جديدة، وزيادة عدد المطبوع من الكتب والكراريس، بل ولا حتى بالضرورة زيادة كبيرة فى عدد المدرسين، بل يمكن تقليل الحاجة إلى كل ذلك بالتوسع فى استخدام الكمبيوتر وترشيد استخدام جهاز التليفزيون.
وفى نفس الوقت يمكن توجيه ما تم توفيره عن طريق استخدام وسائل الاتصال الحديثة من نفقات التوسع الكمى، لزيادة الانفاق فى دعم البحث العلمى والتقدم التكنولوجى.
(5) ان ا ستعراض ما آلت إليه الأحوال فى مصر خلال نصف القرن الماضي، وما عانته من تدهور فى مختلف جوانب الحياة، وما حدث فى نفس الوقت من تطورات سريعة فى العالم لابد أن ينتهى بنا إلى النتيجة الآتية:
إن الوقت الطويل الذى استمر خلاله تدهور الأحوال فى مصر، مع الزيادة المستمرة فى الفجوة التى تفصلنا عن مناطق كثيرة فى العالم كانت أكثر استجابة للتطورات الجديدة، يفرض علينا اتباع سياسة النفس الطويل وعدم تعجل العلاج، ناهيك عن أن نتصور ان ما أفسدته السياسية فى عشرات السنين يمكن أن يصلحه مجرد مجىء حكم رشيد أو انتخابات حرة.
إن الحزب الجديد (حزب الدستور) الذى نتقدم به إلى الشعب المصرى يصدر عن تقدير كامل لحجم المعوقات والعقبات التى تواجه أى جهد للإصلاح الحقيقى فى مصر، وعن فهم عميق لحجم المسئولية الملقاة على عاتق الجميع.
ولكننا ندرك أيضا أنه مهما كان الطريق طويلا (بل لأن الطريق أمامنا طريق طويل) لابد أن نبدأ على الفور.