د. عثمان فكري
تخيل معى لو أن أيًّا من المرشحين الثلاثة (صباحى – أبو الفتوح – خالد على) الذين يجرون الآن وراء تشكيل مجلس رئاسى، تأهل لخوض جولة الإعادة بديلاً عن مرسى أو شفيق، وصدر أيضًا حكم المحكمة فى قضية قتل المتظاهرين، كيف كان المرشحان الآخران سيتصرفان؟ هل كانا سيطالبان بإلغاء الانتخابات أيضًا، ويقرران تشكيل مجلس رئاسى مدنى يدير المرحلة القادمة؟ هل كانا سيقودان جموع الجماهير والمتظاهرين للاعتراض على الأحكام الصادرة بحق مبارك ونجليه والعادلى ومساعديه؟ وماذا سيكون موقف المرشح الرئاسى الذى تأهل لخوض جولة الإعادة، هل كان هو الآخر سيذهب إلى ميدان التحرير ويلبى مطالب القوى السياسية!!
حتى لا تذهب بك الظنون بعيدًا أنا واحد من المحسوبين على التيار الثورى، صوتى كان لواحد من هؤلاء الثلاثة، لكنى أيضًا لدى عقل أفكر به.. ارجع معى إلى الوراء قليلاً قبل جولة الانتخابات الرئاسية الأولى، بُحت أصواتنا، وكلت أيادينا من المطالبة بتوحد المرشحين الثلاثة، والاتفاق على مرشح واحد تسير خلفه الجموع وتتوحد الأصوات، لكن كلاًّ منهم ركب دماغه، ظنا منه أنه الأجدر والأحق بأن يتنازل له الآخرون.. الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح لم يكن يحضر من الأساس الدعوات التى نادت بها جماعة المائة التى تشكلت من أجل اختيار مرشح واحد محسوب على التيار الثورى.. وخالد على كان يحرص مرارًا وتكرارًا على أن يؤكد أنه لن يتنازل لأحد.. وكذلك كان يفعل حمدين.. الآن اتفق الثلاثة.. توحدوا.. يريدون تشكيل مجلس رئاسى هم عناصره ومعهم محمد مرسى.. اجتمعوا.. وفى غضون الساعات القليلة اتفقوا وقرروا تشكيل المجلس.. يا سبحان الله.. شهور طويلة ننادى بالتوحد والاتفاق، وتغليب المصالح العليا للوطن والثورة.. لم يسمع أحد وإن سمع لم يُجب.. الخسارة توحد وتجمع.. لأنهم فى الهزيمة سواء.. هذا هو جوهر الموضوع.
لو تنازل حمدين لأبو الفتوح أو العكس لحصدت الثورة المركز الأول.. وتجنبنا جميعًا هذا المصير المجهول.. يطالبون الآن بتطبيق قانون العزل السياسى لاستبعاد أحمد شفيق.. لو حقًّا تريدون لامتنعتم عن الترشح حتى تبت المحكمة الدستورية فى القانون.. ارتضيتم بقواعد اللعبة من البداية.. وعليكم تقبل نتائجها.. هذه هى الديمقراطية إن كنتم تعلمون.
تصريحات مؤسفة تصدر عن أناس وثقت بهم الجموع، تطالب بالاعتصام حتى يصدر قانون العزل، وتلغى الانتخابات، ويعزل النائب العام، ويشكل مجلس رئاسى.. شىء مضحك، لأن هذه هى نفس مطالب الثورة منذ 11 فبراير 2011.. هل تذكرتموها الآن أيها الخاسرون؟!
اعلموا أن عددًا كبيرًا من أنصاركم قد كفر بكم بعد جولة الانتخابات الأولى.. بعد أن جمع الناخبون أصواتهم التى أُعطيت لأبو الفتوح وحمدين، ووجدوها تصل بأيهما إلى كرسى الحكم باطمئنان شديد.. تفرقت أصواتنا والآن تطلبون منا التوحد خلفكم لإبطال العملية الانتخابية برمتها.. لا يمكنك أن تتوقف فى منتصف المباراة وتطلب من الحكم إعادتها من جديد، لأن سيادتك أخطأت فى التشكيل والتكتيك. هذا خطؤُك.. ولكن للأسف تحملنا تبعاته جميعًا.. والله وحده يعلم إلى أين يقودنا.